دبي – مصادر نيوز
يعتقد البعض أن الفيروسات شر مطلق، وجدت خصيصا لتجلب المعاناة والشقاء للبشر. فقد حصدت على مدى آلاف السنين أرواحا لا تعد ولا تحصى، ولكن يقول العلماء إن الفيروسات تؤدي أدوارًا مهمة للعالم تفوق ضررها بمراحل
حيث أن في القرن العشرين وحده، أودت الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 بحياة ما يتراوح بين 50 و100 مليون شخص.
وقتل وباء الجدري ما يقدر بنحو 200 مليون شخص. وليست الجائحة الحالية إلا واحدة من مجموعة لا تنتهي من الجوائح الفيروسية الفتاكة.
وقد نشرت موقع هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” تقريرا علميا يفيد بأهمية الفيروسات من اجل التوازن البيئي وأن من دون الفيروسات لن يكون للحياة وكوكب الأرض وجود.
كما أفاد التقرير أن لو خيّرنا بين محو جميع الفيروسات من على وجه الأرض بعصا سحرية وبين الإبقاء عليها؛ لاختار معظم الناس التخلص منها دون تردد، وخاصة الآن. لكننا نكون بذلك قد ارتكبنا خطأً قاتلًا.
ويرصد التقرير أكثر من 8 فوائد للفيروسات التي تسهم في استمرار الحياة على كوكب الأرض:-
بدون الفيروسات سنهلك بعد يوم ونصف
يقول توني غولدبرغ، عالم وبائيات بجامعة ويسكونسين ماديسون: “لو اختفت الفيروسات فجأة من الوجود سينعم العالم بحياة رائعة لنحو يوم ونصف، وبعدها سنموت جميعًا؛ إذ إن الفيروسات تؤدي أدوارًا مهمة للعالم تفوق ضررها بمراحل”.
لا تسبب الغالبية العظمى من الفيروسات أمراضًا للبشر، ويسهم الكثير منها في دعم الأنظمة البيئية، ويحافظ البعض على صحة الكائنات الحية من الفطريات والنباتات إلى الحشرات والبشر.
دور الفيروسات في الحياة
ولا يعرف معظم الناس شيئًا عن الدور الذي تلعبه الفيروسات لدعم الحياة على وجه الأرض؛ لأننا نركز دائمًا على الفيروسات التي تسبب الأمراض للبشر. لكن بعض الباحثين شرعوا مؤخرًا في دراسة الفيروسات التي تعزز فرص بقاء البشرية وكوكب الأرض.
وكل ما يعرفه العلماء حتى الآن أنه من دون الفيروسات لن يكون للحياة وكوكب الأرض وجود.
الباحثون يجهلون عدد الفيروسات
في البداية لا يعرف الباحثون حتى الآن عدد الفيروسات التي تعيش على كوكب الأرض، فرغم تصنيف آلاف الأنواع منها، إلا أن هناك الملايين التي قد لا نعرف عنها شيئًا.
تقول كورتيس ساتل، عالم فيروسات بيئي بجامعة بريتيش كولومبيا: إن “جميع الفيروسات، باستثناء القليل منها، لا تسبب أمراضًا للكائنات الحية التي نهتم بها”.
أهمية الفيروسات للتوازن البيئي
وعلى سبيل المثال، تؤدي الفيروسات الملتهمة التي تصيب البكتيريا، دورًا فائق الأهمية. ويقول غولدبرغ: إن هذه الفيروسات تلتهم البكتيريا، ولولاها لواجهنا مشاكل عديدة.
إنتاج الأكسجين على الأرض
وعلاوة على ذلك تنتج الجراثيم نحو نصف الأكسجين على كوكب الأرض، بمساعدة الفيروسات.
وتقتل الفيروسات نحو 20% من جميع الجراثيم ونحو 50 % من البكتيريا في المحيطات يوميًّا، وبذلك تضمن أن العوالق المنتجة للأكسجين لديها ما يكفي من مغذيات لإنتاج كميات كبيرة من الأكسجين عبر التمثيل الضوئي، وبذلك تدعم الحياة على الأرض.
لولا الموت لما كان هناك حياة
ويقول ساتل: “لولا الموت لما كان هناك حياة؛ لأن الحياة تعتمد على إعادة تدوير المواد، وتؤدي الفيروسات دورًا مهمًّا في عملية إعادة التدوير”.
واكتشف الباحثون في الآفات الحشرية أن الفيروسات تسهم في تحديد أعداد الأنواع؛ فإذا زاد عدد أفراد أحد الأنواع زيادة مفرطة، يأتي الفيروس ويبيد أفراده. وتقول روزينك: إن هذه العملية هي جزء طبيعي من الأنظمة البيئية، وتحدث للكثير من الأنواع، بما فيها البشر، كما هو الحال عندما تظهر الجوائح.
دور الفيروسات داخل أجسام البشر والحيوانات
وتعتمد بعض الكائنات الحية على الفيروسات من أجل البقاء على قيد الحياة أو لتكتسب ميزة تنافسية أمام الأنواع الأخرى.
ويعتقد بعض العلماء أن الفيروسات تلعب دورًا مهمًّا في مساعدة البقر وغيرها من الحيوانات المجترة في تحويل السليولوز من العشب إلى سكر، الذي يتحول في النهاية في جسمها عبر عملية التمثيل الغذائي إلى اللبن أو كتلة الجسم.
الفيروسات تحمي البشر
لاحظ العلماء أن فيروس التهاب الكبد C، يقلل فرص الوفاة بمرض الإيبولا لدى المصابين بالمرض، ويقول ساتل: إن الفيروسات أسهمت في إنقاذ حياة بعض المرضى بعدما فشلت المضادات الحيوية في علاجهم.
هل تعالج الفيروسات السرطان؟
ويبحث العلماء إمكانية استخدام الفيروسات لتفكيك وقتل الخلايا السرطانية فقط دون غيرها، كعلاج أقل سمّيّة وأكثر فعالية للسرطان.
ويقول غولدبرغ: إن هذه الفيروسات التي تستخدم في العلاج تعمل كقذائف مجهرية موجهة تستهدف الخلايا غير المرغوبة. وسنحتاج هذه الفيروسات في الكثير من الأبحاث التي ستقودنا إلى الجيل الجديد من العلاجات.
الفيروسات جزء من الحمض النووي للإنسان
وإذا تكاثرت الفيروسات في الخلايا الجنسية للإنسان، أي البويضة والحيوان المنوي، فقد تنتقل الشفرة الوراثية للفيروس إلى الجيل اللاحق وتصبح جزءًا من الحمض النووي للإنسان؛ حيث يكتسب الإنسان جينات الفيروسات ويستخدمها لصالحه، وتمثل بقايا الفيروسات نحو 8 في المئة من المادة الوراثية البشرية.