كتب – محمد كمال
ناقش عدد من المطورين العقاريين والمهندسين الاستشاريين والمصممين العقاريين آليات تطبيق مفهوم التنمية المستدامة في تنفيذ المشروعات العقارية الخاصة بالمطورين وتنفيذ المدن الجديدة من قبل الدولة، وكذلك أبرز التحديات التي تواجه تطبيق هذا المفهوم.
أوضحوا أن تطبيق التنمية المستدامة يجب أن يكون توجها عاما من قبل الدولة تقوم به في المدن الجديدة وتفرضه فيما بعد على المطورين العقاريين بالإضافة إلى توعية العملاء بأهمية العمارة الخضراء وتأثيرها على تكلفة الصيانة على المدى البعيد والحفاظ على القيمة الاستثمارية للمشروع.
أكدوا أهمية هذا المفهوم مع توجه الدولة للتوسع في تصدير العقار ومخاطبة عملاء أجانب لديهم وعي بالتنمية المستدامة وتطبيقها في مشروعاتهم.
قال الدكتور محمد عبدالغنى رئيس مجلس إدارة مكتب ECB للهندسة والاستشارات، إن مصر تأخرت كثيرا في اللحاق بركب الاستدامة والعمارة الخضراء وهو موضوع شديد الأهمية خصوصا في ظل النهضة العمرانية الحالية التي تشهدها مصر.
وأضاف، أن الاستدامة البيئية والهندسية تهدف بشكل كبير إلى المحافظة على قيمة العقار وهو الفكر الذي يتبناه المطورون والشركات العقارية في الفترة الحالية والتي تحافظ على قيمة العقار وتضمن تنافسيته بالخارج.
وأوضح عبدالغنى، أن الاستدامة مفهوم أوسع وأشمل من مجرد عمارة خضراء ولكن المنظومة البيئية ككل منها التكنولوجيا الذكية في الاستخدام الأمثل للطاقة والموارد المتاحة.
قال المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، ورئيس مجلس إدارة مجموعة عربية القابضة، إن التنمية المستدامة في مصر قائمة على عدة أفكار نظرية ولكن محاولة للتطبيق على أرض الواقع يتطلب مزيدا من الاستثمارات من قبل المطورين.
أوضح أن تقييم العميل الأجنبي للوحدة المنفذة وفقا لمفهوم التنمية المستدامة أكبر من العميل المحلي، كما أن الدولة لابد يكون لها إرادة سياسية قوية تلزم السوق بتنفيذ مشروعاته وفق مفهوم التنمية المستدامة.
أما المهندس بشير مصطفى، رئيس مجلس إدارة شركة فرست جروب للاستثمار العقاري، يرى أن مفهوم التنمية المستدامة مختلف تماما عما تظنه الأغلبية بأنه مبنى به شجيرات خضراء، فهو يتضمن العديد من المحاور والتفاصيل الفنية في تنفيذ المشروع والتي تضمن إعادة استخدام العديد من الموارد وتقليل المهدر من الطاقة في هذه المشروعات.
طالب بضرورة تغيير وتوعية العقلية المصرية والعودة لتصميمات عقارية سابقة تمكن من تقليل استهلاك الكهرباء وهو ما يسمح بتقليل التكلفة.
قال المهندس رائف فهمي، مؤسس رائف فهمي معماريون، إن فكرة الاستدامة لها عدة محاور اقتصادية واجتماعية ومادية وبيئية مرتبطة ببعضها البعض، كما أن تطور الاحتياجات البشرية يدفع لمزيد من الاعتماد على عنصر الاستدامة، لافتا إلى أن المطور يحتاج لتنفيذ مشروع مربح اقتصاديا ليتمكن من التوسع في تنفيذ مشروعات أخرى.
أوضح أن المطور يحتاج لتنفيذ مشروع غير طارد للسكان ويحتوي العديد من الأجيال داخل نفس المشروع مما يتطلب تطور المشروع بالتوازي مع تطور الأجيال التي تعيش بداخله، حيث استشهد بمنطقة وسط البلد والتي أصبحت منطقة طاردة للأجيال الشابة بها للسكن في مناطق أخرى وبالتالي انخفاض معدل الإنفاق بها وتقليل قيمتها الاستثمارية.
قال المهندس شادي محمود، مكتب DISTANCE STUDIO CONSULTANTS ، إن التكلفة عنصر أساسي للتحكم في تنفيذ مبنى موفر للطاقة والمياه ومتناسق مع البيئة المحيطة به، كما أن المباني الخضراء جزء من مفهوم التنمية المستدامة، لافتا إلى أن الدور الأساسي في هذا الملف هو دور الدولة والتي تضع مخططاتها اعتمادا على مفهوم التنمية المستدامة.
طالب بألا يتحمل المطور أو الاستشاري الهندسي كل اللوم على عدم التوسع في تطبيق التنمية المستدامة ولكن يجب مطالبة الدولة بتطبيق هذا المفهوم وبالتالي يتبعها المطورون ويلتزمون بها.
قال المهندس أحمد العتال، رئيس مجلس إدارة شركة العتال هولدينج، وعضو غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، إن الاستدامة بدأت في مصر منذ عهد الفراعنة وتنفيذ الأهرامات وفق نظام مدروس يعكس حضارة متقدمة خلال هذا الوقت تم من خلالها تنفيذ عمارة بشكل من أشكال الاستدامة لا يزال قائما حتى الآن.
أضاف أن مصر رقم 87 من إجمالي 150 دولة في مؤشر استدامة الدول، مؤكدا أن دورنا كأفراد قبل أن نكون مطورين الحفاظ على الطاقة بكافة أشكالها.
أوضح أن الدولة أصبح لديها مفهوم للاستدامة بشكل كبير يتم تطبيقه في تدشين مدن جديدة كالعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ورؤية للتنمية المستدامة حتى عام 2030، ولكن لا يوجد مفهوم موحد لمبدأ الاستدامة بين المطورين العقاريين، لافتا إلى أن هناك حوالي 16 بندا خاصا بالتنمية المستدامة في تعاقدات شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية مع المطورين داخل المشروع.
أشار إلى أن الدولة ليس لديها الوعي الكامل بمفهوم الاستدامة ولكن لا يجب أن يتم إلقاء اللوم بالكامل على الدولة أو المطور، فيجب توعية المواطن العادي بمفهوم الاستدامة وتقليل هدر الطاقة والموارد البيئية.
قال المهندس أحمد سليم، رئيس مجلس إدارة شركة كايرو كابيتال للتطوير العقاري، ورئيس شركة بريكزي لإدارة المشروعات، إن تطبيق مفهوم الاستدامة في المشروعات السكنية وإقناع العميل بهذه الفكرة سيكون صعبا مقارنة بالعميل المستثمر في الوحدة التجارية والإدارية والتي يستثمر فيها العميل ويسعى للحفاظ على قيمتها الاستثمارية لأطول فترة ممكنة.
أضاف أن التصدير يجبر على التوجه للاستدامة وتنفيذ الشقق الفندقية والتي يتم إدارتها بعلامات تجارية فندقية وتحقق مفهوم الوحدة وفي نفس الوقت الإدارة الفندقية لها.
قالت المهندسة منى حسين الرئيس التنفيذي لشركة MHDH إن الاستدامة مفهوم كبير وشامل يتضمن العمارة الخضراء وتصميمات داخلية وممارسة تناسب البيئة وتحافظ عليها ولهذا فالدولة لابد أن تضع الاستدامة على قائمة أولوياتها لتحقيق التنمية العمرانية الحديثة التي قطعت الدولة فيها شوطا كبيرا.
أضافت أن الاستدامة عنصر محدد لمدى تقدم ومدى تأخر الدول ولهذا على الدول أن تقوم بشكل كبير بتنفيذ العناصر السابعة عشر التي نصت عليها الأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة وأن تتعامل مع تلك العناصر والاستخدام الأمثل ومواردها المتاحة.
قال المهندس محمد طلعت مؤسس ورئيس مجلس إدارة MT Architect إن استخدام الاستدامة في بداية المشروعات تكلفتها عالية فضلا عن أنها ليست الاختيار الأول المطورين لأنها تضع تكلفة إضافية على المطور.
وأضاف طلعت، أن هناك إشكالية أخرى تواجه تحقيق مبان وعمارة مستدامة في بعض المشروعات منها موقع ومساحة المشروع لأنه قد تكون مساحة المشروع ومكانه لا يسمحان بتحقيق مبنى مستدامة صديق للبيئة.
أكد هشام هلال رئيس مكتب Criteria Design Group أن العمارة بشكل عام لابد أن تتوافق مع البيئة وأن تعكس القيم الاجتماعية وأيضا الاقتصادية للمواطنين فمثلا العمارة الفرعونية وأيضا الحديثة يظهر في كل منهما القيم الاجتماعية للمواطنين في كل عصر من تلك العصور.
ولكن هلال يرى أن هناك بعض التحديات تعوق تطوير عمارة تعبر عن القيم الاجتماعية للعميل من أهمها عدم وجود ثقافة تعبر أهمية ترجمة الثقافة والقيم المجتمعية في شكل المبنى وتصميمه لأن تصميم المباني بهذا الشكل يصنع ولاء بين المستخدم والمبنى وهو أساس المحافظة على قيمة الأصل وهي أصل استدامة العمارة والمبنى.