دبي – مصادر نيوز
استخدم ماكارثي، الأستاذ المساعد بجامعة نيو ساوث ويلز بأستراليا وخبير الحاسب الآلي والبيانات، أداة من أدوات الذكاء الاصطناعي لتقييم لغة حسابات تويتر ليستقي منها ما يخص خمس سمات أساسية للشخصية، ويقول: “ظننت أنني ارتكبت خطأ ما، إذ لم أعتقد أنه قد يكون لدى كل هؤلاء الأشخاص شخصيات متشابهة لهذا الحد!”، وفقا لبي بي سي.
ووجد ماكارثي أن 200 من كبار لاعبي التنس المحترفين على تويتر تجمعهم سمات مشتركة تتشابه بشكل مدهش. ويقول عن ذلك: “هم عموما شخصيات تتمتع بدرجات عالية من القبول والانطلاق والالتزام وليست على درجة عالية من الانفتاح”. وبخلاف بعض الاستثناءات، جاءت نتيجة مبرمجي الكمبيوتر على النقيض من ذلك.
وليس جديدا استخدام الذكاء الاصطناعي في تقييم الشخصية عبر استقراء التغريدات، لكن الجديد أن ماكارثي انضم إلى بيغي كيرن، أستاذة علم النفس في جامعة ملبورن، محاولا الرد على سؤال آخر وهو هل يمكن الاستعانة بمحتوى تويتر، بما يوفره من عينة ضخمة، لاستكشاف أي نوعية من الشخصيات توافق، بحسب بصماتها الرقمية، وظائف بعينها.
ويؤمن المستشارون المهنيون والباحثون بأن هناك توافقا بين شخصيات معينة ومهن بعينها، مثل توافق الشخصيات الانبساطية مع العمل في مجال التسويق، لكن ماكارثي يؤكد أن بحثه الأخير قد أجرى على نطاق أوسع بكثير مما سبق، ويقول: “اعتمدت كل الأعمال السابقة في هذا المجال على استطلاعات الرأي، وأحيانا لم يزد عدد المستطلعة آراؤهم عن 50 شخصا، أو بضع مئات على أقصى تقدير. لكن بحثنا (من خلال تويتر) يعتمد على ملاحظة دقيقة للسلوك من خلال آفاق ضخمة لا تجدها بطرق أخرى”.
واعتمد الباحثان الأستراليان في دراستهما، التي نشرت في ديسمبر 2019، على فحص حسابات تويتر لـ 128 ألف مستخدم. وتحتاج أداة تعريف الشخصية إلى نحو 100 مشاركة من نصوص كتبها الشخص عن حياته أو أفكاره للقيام بالتحليل اللغوي، ويمكنها أيضا الاستعانة بمحتوى من رسائل البريد الإلكتروني أو المنشورات على منتديات التواصل.
لكن الباحثان آثرا التركيز على تغريدات تويتر لاختبار التوافق بين الشخصية والمهنة؛ نظرا لأن تويتر يضم المحتوى الأضخم من مساهمات شتى الأفراد من خلفيات مهنية مختلفة.
ودرس الباحثان حسابات أشخاص أشاروا إلى مهنهم استنادا إلى سمات رئيسية للشخصية وهي: القبول والانطلاق والالتزام والعُصابية والانفتاح (ويقصد بالأخيرة مدى الاستعداد لتجربة خبرات وأفكار جديدة ولا يقصد بها الانبساطية في العلاقات).
ولم يكن هدف البحث مطابقة النتائج المتعلقة بالشخصية بواقع شخصية الفرد، بل تقول كيرن إن البحث أظهر توافقا مذهلا بين شخصيات لاعبي التنس، استنادا إلى ما عكسته مشاركاتهم الرقمية، كذلك توافقت شخصيات العلماء أيضا، وكان الاختلاف بين مهنة وأخرى واضحا.
وكثيرا ما جاءت النتائج متوافقة مع المتوقع، فلم يكن من المفاجئ أن يتحلى كبار الرياضيين بالالتزام والدقة؛ إذ أن التفوق الرياضي يتطلب بذل جهد حثيث، أما عدم “انفتاحهم” بدرجات كبيرة فيرجح قناعتهم بالمألوف وأنهم يعمدون لتكرار نفس الشيء.
أما العلماء فيتفوقون في سمة الانفتاح، بينما لا تتمتع شخصياتهم بدرجات كبيرة من القبول، فهم يحبون تحدي الأفكار السائدة بالابتكار والنقد. أما الأدوار الأكثر “التزاما” فيقول ماكارثي إنها كانت من نصيب المسؤولين في وظائف عامة، مثل المحامين والسياسيين، بينما برزت سمة العُصابية لدى العاملين بالمجال المصرفي.
ودمج الباحثان هذه المعلومات فيما أسمياه “البوصلة المهنية”، مستخدمين الذكاء الاصطناعي لتحديد ألف مهنة مختلفة بحسب السمات الشخصية الغالبة في كل واحدة. ومن خلال اختبار الأداة المستخدمة وجد الباحثان أن بإمكانهما التكهن بمهنة مستخدم تويتر استنادا إلى تحليل لغته المنشورة على تويتر وجاءت النتائج دقيقة بنسبة 70 في المئة.
ويقول الباحثان إن تلك البوصلة المهنية قد تساعد الأشخاص كثيرا في معرفة أكثر الوظائف التي تناسبهم. وتقول كيرن: “الكثير من الشباب يتحدثون عن حياتهم عبر منشورات كثيرة على الإنترنت، وإذا سمحوا لنا باستخدام منشوراتهم سنرصد أي وظائف قد تناسبهم، وقد تكون مناسبة لهم أكثر من الوظائف التي يرغب الأهل في التحاقهم بها أو التي قد يلتحقون هم أنفسهم بها لمجرد أنهم سمعوا عنها”.