دبي- مصادر نيوز
كشف تقرير لجنة الأمم المتحدة عن تكبد سوريا خسائر اقتصادية كبيرة خلال ثماني سنوات بسبب الحرب، والتي تُقدّر بنحو 442 مليار دولار، وفقا لأخبار الأمم المتحدة.
وقد أظهر التقرير المشترك الذي أعدّته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومركز الدراسات السورية في جامعة سانت آندروز، وجاء بعنوان “سوريا: بعد ثماني سنوات من الحرب” أن مؤشر التنمية البشرية في الجمهورية العربية السورية قد شهد انخفاضا حادا من 0.64 عام 2010 إلى 0.549 في عام 2018، مما قلل من مكانته من مظلة البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة إلى البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة.
ملايين المحتاجين للمساعدات
ويكشف التقرير، الذي يغطي الفترة الواقعة بين 2011 إلى 2019، أن 82% من الأضرار الناجمة عن الصراع تراكمت في سبعة من أكثر القطاعات كثافة في رأس المال: الإسكان والتعدين والنقل والأمن والتصنيع والكهرباء والصحة.
وتُقدّر قيمة الدمار المادي لرأس المال بنحو 117.7 مليار دولار، والخسارة في الناتج المحلي الإجمالي بمبلغ 324.5 مليار دولار، مما يضع تكلفة الاقتصاد الكلي للصراع عند نحو 442 مليار دولار.
وقال بيان صدر عن الإسكوا: “على الرغم من ضخامة هذا الرقم، إلا أنه لا يلخص حجم معاناة السكان الذين تم تسجيل 5.6 مليون شخص منهم كلاجئين، و6.4 مليون كنازحين داخليا، و6.5 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و11.7 مليون لا يزالون بحاجة إلى شكل واحد على الأقل من أشكال المساعدة الإنسانية”.
إضافة إلى ذلك، كشف التقرير أن نحو ثلاثة ملايين طفل داخل البلاد فوّتوا المدرسة خلال العام الدراسي 2017-2018. وبحسب التقرير، فإن الخسائر في التنمية البشرية في مجالي التعليم والصحة كارثية، ويبدو أنه “لا يمكن معالجتها مما سبب معاناة على نحو خاص لجيل السوريين الذين بلغوا سنّ الرشد في وقت النزاع”.
تحوّل جذري في حياة السوريين
يعرض تقرير “سوريا: بعد ثماني سنوات من الحرب” تداعيات الصراع على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في سوريا، وقد صدر اليوم الأربعاء نتيجة بحثٍ مستفيض أيضا أجراه خبراء وأكاديميون ضمن شبكة برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا.
في مقدمة التقرير قالت الإسكوا وجامعة سانت آندروز “أسفر النزاع الذي نشب منذ ما يناهز عقداً من الزمن عن تحوّل جذري في جميع نواحي حياة المجتمع السوري”، وأشار التقرير إلى أن النزاع يفرض تحديات مستقبلية رهيبة سواء كانت في الإنتاج أو الاستثمار أو التنمية البشرية، مستشهدا أيضا ببيانات رسمية تفيد بأنه بحلول نهاية عام 2018، فقدَ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 54% من مستواه في عام 2010.
وفيما يتعلق بالتبادل التجاري، يشير التقرير إلى أن الصادرات السورية شهدت انهيارا، من 8.7 مليار دولار عام 2010 إلى 0.7 مليار دولار في عام 2018، مما تسبب باضطرابات في الإنتاج وسلاسل التجارة.
ومن العوامل التي ساهمت في هذا الانهيار: الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والعقوبات الاقتصادية التقييدية الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى هروب رأس المال المادي والبشري.
ويشير التقرير إلى أن الواردات لم تشهد انهيارا مماثلا، مما أدّى إلى اتساع العجز التجاري وخلق ضغوط متزايدة على قيمة الليرة السورية.
الحكم وسيادة القانون
يقدم التقرير أيضا لمحة عامة عن تداعيات الصراع على الحكم وسيادة القانون ومختلف مظاهر تدويله. ويحدد بعض مبادئ بناء السلام ويسلط الضوء على تحديات التعافي ثم يقترح سبل الخروج من المأزق.
وتؤكد كل من الإسكوا وجامعة سانت آندروز أن اعتماد سياسات تعمل بشكل مباشر على تحسين نوعية الحياة لجميع السوريين، وإدراج طيف أوسع من الأصوات السورية وإحياء المبادرات المجتمعية السورية وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي المشترك على المستوى المحلي، كل ذلك مهم لإعادة بناء الدولة وإعادة تركيز الجهود نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وهذه هي ثمرة التعاون الثانية بين مؤسستي الإسكوا وجامعة سانت آندروز، فقد أصدرتا أول تقرير لهما عام 2016، بعنوان “سوريا: بعد خمس سنوات من الحرب” وقدّرتا حجم الخسائر المادية بنحو 259.6 مليار دولار.