دبي- مصادر نيوز
ما إن وصل أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح إلى بلاده يوم الثلاثاء عائدا من السعودية حيث حقق انجازا دبلوماسيا سعت إليه بلاده طويلا، وهو المصالحة الخليجية، حتى وجد أمامه أزمة داخلية محتدمة بين الحكومة ومجلس الأمة الجديد (البرلمان)، وفقا لرويترز.
وتقدم ثلاثة نواب في البرلمان، الذي تم انتخابه في ديسمبر كانون الأول والذي غلب على تشكيله نواب معارضون، يوم الثلاثاء باستجواب لرئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، يتهمونه فيه بعدم التعاون مع مجلس الأمة.
وعادة ما يتسبب طلب استجواب رئيس الوزراء في نشوب أزمات سياسية حادة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وحظي الاستجواب الذي تقدم به النواب بدر الداهوم وثامر الظفيري وخالد العتيبي بدعم من نحو 33 من النواب الآخرين، الذين أعلنوا نيتهم تأييد الاستجواب، وهو ما يعني أن 36 نائبا على الأقل من أصل خمسين يؤيدون استجواب رئيس الحكومة.
وأبلغت الحكومة رئيس البرلمان مرزوق الغانم عدم نيتها حضور جلسة مجلس الأمة المقررة يوم الأربعاء وهو ما تسبب في تعطيل انعقاد الجلسة.
وتشترط اللائحة الداخلية لمجلس الأمة حضور الحكومة حتى تكون الجلسة البرلمانية صحيحة. وبعد قرار الحكومة بالغياب عن جلسة يوم الأربعاء تقدم خمسة نواب باقتراح بتعديل للائحة يسمح بعقد جلسات المجلس في حال غياب الحكومة متى اكتمل النصاب القانوني لها.
ويدور الاستجواب حول ثلاثة محاور أو اتهامات لرئيس الحكومة، الأولى “مخالفة صارخة لأحكام الدستور عند تشكيل الحكومة… باختياره لعناصر تأزيمية في مجلس الوزراء” وعدم مراعاة اتجاهات المجلس الجديد الذي يغلب عليه نواب من أصحاب التوجهات المعارضة.
ودار المحور الثاني حول “هيمنة السلطة التنفيذية” على البرلمان من خلال دعم الحكومة لرئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ليفوز بهذا المنصب من جديد، في حين صوت 28 من النواب لمرشح آخر بالإضافة إلى “التدخل السافر في تشكيل لجان المجلس” من قبل الحكومة، وفقا لصحيفة الاستجواب.
أما المحور الثالث فيدور حول “مماطلة الحكومة في تقديم برنامج عملها لهذا الفصل التشريعي” وهو ما اعتبره مقدمو الاستجواب “إخلالا بالالتزام الدستوري” الذي يفرض عليها تقديم البرنامج فور تشكيلها.
وفي سوابق تاريخية كثيرة، أدى تواتر الخلاف بين الحكومة والبرلمان إلى تغيير حكومات متعاقبة وحل البرلمان مما عرقل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تحتاجها البلاد كما أصاب الحياة السياسية بالجمود.
ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس آذار 2021، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط وفقا لما قاله وزير المالية السابق براك الشيتان في أغسطس آب.
وللتغلب على هذه المعضلة تسعى الحكومة لتمرير مشروع قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (66 مليار دولار) على مدى 20 عاما، وهو المشروع الذي رفضه البرلمان السابق.
ومن الناحية القانونية، من المفترض ان يدرج الاستجواب في الجلسة القادمة للبرلمان التي ستعقد غالبا بعد نحو أسبوعين.
واستبعد المحلل السياسي محمد الدوسري مثول رئيس الوزراء للاستجواب متوقعا أن تقدم الحكومة استقالتها قبل ذلك، لأن عدد المؤيدين للاستجواب وبالتالي عدم التعاون مع الحكومة “تجاوز العدد المطلوب”.
وحول إمكانية حل البرلمان قال الدوسري إن “كل الخيارات متاحة (أمام الأمير).. وستستمر الأزمة بتشكيلة مجلس الأمة الحالية ورئاسته الحالية”.
وطبقا للدستور فإنه إذا رأي مجلس الأمة “عدم امكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر الى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة ان يعفى رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، أو ان يحل مجلس الأمة.
“وفي حالة الحل، اذا قرر المجلس الجديد بذات الأغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلا منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة”.
وربما تكون هذه هي أول أزمة سياسية كبيرة يواجهها أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي تولى زمام الحكم في سبتمبر أيلول، بعد وفاة أخيه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد.
وكان الشيخ نواف قال للنواب في افتتاح البرلمان الجديد في 15 ديسمبر كانون الأول إن هناك حاجة لوضع برنامج إصلاحي شامل لمساعدة البلاد على الخروج من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود وإنه لا يوجد متسع من الوقت “لافتعال الأزمات”.
وقال في حينها “لم يعد هناك متسع لهدر المزيد من الجهد والوقت والإمكانات، في ترف الصراعات وتصفية الحسابات وافتعال الأزمات، والتي أصبحت محل استياء وإحباط المواطنين، وعقبة أمام أي إنجاز”.
وخسر ثلثا أعضاء مجلس الأمة مقاعدهم في الانتخابات التي جرت في الخامس من ديسمبر كانون الأول وحقق مرشحو المعارضة مكاسب في نتائجها التي يقول محللون إنها قد تعرقل جهود الحكومة لتنفيذ إصلاحات مالية في نظام الرعاية من المهد إلى اللحد في الكويت.
والنظام السياسي في الكويت هو الأكثر انفتاحا في منطقة الخليج حيث يملك البرلمان سلطة إقرار التشريعات واستجواب رئيس الوزراء والوزراء، لكن أعضاء الأسرة الحاكمة يتولون المناصب العليا وللأمير القول الفصل في أمور الدولة.