دبي- مصادر نيوز
مثلت زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان للعراق، بين الخامس والثامن، من مارس الجاري، موضعا لحديث متشعب، عبر وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، من حيث أهدافها ودلالاتها، بين حديث عن رمزية التوقيت، والاهداف الانسانية، وكذلك المصالح المتحققة منها للطرفين، وما إذا كانت لاتخلو من الشأن السياسي أيضا، وفقا لـBBC.
ورأى كثير من القيادات السياسية والدينية في العراق أن الزيارة تمثل حدثا تاريخيا للعراق، ملمحين إلى رمزية التوقيت، كونها الزيارة الأولى للبابا خارج الفاتيكان، منذ بدء جائحة كورونا، في حين أشار البعض إلى ماتحمله الزيارة من معاني روحية تتعلق بالتعايش بين الأديان ،ومن دلالات لسعي الفاتيكان، للانفتاح على مسلمي العالم الشيعة، الذين يقدر عددهم بمئتي مليون مسلم في أنحاء العالم.
وكان البابا قد سعى أيضا، للانفتاح على مسلمي العالم السنة، من خلال زيارته إلى أبو ظبي في شباط/فبراير 2019، ولقائه شيخ الأزهر أحمد الطيب هناك، حيث وقعا ما عرف بـ “وثيقة الأخوة الإنسانية”، لتشجيع مزيد من الحوار بين المسيحيين والمسلمين، لكن وفي غمرة الحديث عن الجانب الروحي ومعاني زيارة البابا الإنسانية للعراق، فإن البعض يتحدث أيضا،عن أن الزيارة ليست بعيدة عن السياسة، وأنها تحمل في جانب منها أهدافا سياسية ومصالح قد تتحقق للطرفين.
رسالة تطمين
ربما تكون الرسالة الأهم لتلك الزيارة، هي رسالة التطمين لمسيحيي العراق، الذين نزح عدد هائل منهم خارج البلاد، بفعل مخاوفهم المتزايدة، في ظل الهجمات الإرهابية التي تعرض لها العراق، على مدار السنوات الماضية، والتي استهدفت ضمن من استهدفت، المكون المسيحي للمجتمع العراقي، ومنذ العام 2003 تراجع أعداد المسيحيين في العراق، إلى أكثر من ثلثي عددهم، الذي كان يقترب من مليوني مواطن عراقي.
ويعتبر محللون، أن زيارة البابا فرانسيس للعراق، ستسفر عن تلطيف لأجواء العلاقة، بين مسيحيي العراق ومسلميه، وأنها قد تعزز من انفتاح المسيحيين على المسلمين، شركائهم في الوطن، بعد فترة توتر طويلة عاشها المسيحيون والعراق بشكل عام.
غير أن جانبا من المسيحيين العراقيين، يرون أن زيارة البابا ليست سوى شكلا مراسميا، ربما لم يتجاوز جولات أعد لها سلفا، وأن الرجل ربما استمع فقط، للكلمات الطيبة، في وقت يرون فيه، أن الواقع على الأرض بالنسبة لمسيحيي العراق، ربما يكون مختلفا تماما في قسوته،عن الأجواء الاحتفالية والمراسمية.
مصالح متبادلة
تبدو المصلحة متبادلة برأي كثيرين، فيما يتعلق بزيارة البابا للعراق، فمن جانبها تسعى الفاتيكان، إلى كسب ود المسلمين الشيعة في العالم، عبر الزيارة وقمة البابا الأولى من نوعها، مع مرجع شيعي بهذا المستوى، هو السيد علي السيستاني، وهو ما قد ينعكس إيجابا، على أحوال المسيحيين في العراق وفي المشرق بصورة عامة.
ويعتبر مراقبون أن زيارة البابا للعراق، تبرز حقيقة أن المسيحيين، يمثلون جزءا مهما من نسيج مجتمعاتهم، وأن الكنيسة تريدهم أن يبقوا في أرضهم، وأن يعززوا من علاقاتهم مع شركائهم في المجتمع، في وقت تبذل فيه جهودا كبيرة، لإعادة النازحين منهم، إلى الموصل وبغداد وسهل نينوى، وإعادة بناء ممتلكاتهم وكنائسهم هناك.
على الجانب الآخر فإن الزيارة، تحقق أهدافا مهمة للعراق في الظرف الراهن، إذ أنها تظهر أن شأنه لم يغب تماما عن اهتمام العالم، وكما اعتبر بعض الساسة العراقييين فإن بغداد، يجب أن تستثمر الزيارة قدر استطاعتها، عبر إيصال رسائل عن المعاناة، التي تعرض لها العراق وأهله، على مدار السنوات الماضية، والحصول على مساعدة شخصية دينية بارزة، مثل البابا فرانسيس، من أجل حل مشكلات البلاد وإنهاء معاناتها.
سياسة أيضا
وبين حديث الروحانيات، والتعايش بين الأديان، وحديث المصالح،اختار جانب من المعلقين في وسائل الإعلام العربية، أن ينحو نحو الجانب السياسي للزيارة، إذ اعتبرت كلادس صعب، في موقع راديو صوت بيروت، أن زيارة البابا فرانسيس لمدينة النجف هي لـ “إعادة إحياء مرجعيتها مقابل شيعة الحشد وسلطة قم”.
وأضافت كلادس: “هذه الزيارة تتزامن مع احتدام المواقف المتبادلة بين إيران والولايات المتحدة التي اجمعت التسريبات على أن الضربة العسكرية الأمريكية قادمة لا محالة بعد الاستفزازات العسكرية التي قامت بها إيران عبر أدواتها في العراق كوسيلة ضغط للعودة إلى الاتفاق النووي الذي خرج منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب”.