دبي- مصادر نيوز
“الملء الثاني للسد الإثيوبي أصبح أمرا واقعا”،عبارة تجسد الواقع، الذي وصل إليه الخلاف القائم، بين إثيوبيا من جانب، وكل من مصر والسودان من جانب آخر، بشأن سد النهضة الإثيوبي المثير للجدل ، لكن أهمية العبارة، تكمن في أنها صدرت،عن بيان لمجلس الوزراء السوداني، أورد تأكيد اللجنة العليا السودانية، المختصة بالسد، على تحول الملء، إلى أمر واقع، وتشديدها خلال اجتماعها، برئاسة رئيس الوزراء السوداني، عبد الله الحمدوك على “أهمية استمرار الاجراءات الاحترازية لتقليل الآثار السلبية للملء الثاني للسد”، وفقا لـBBC.
التعامل مع أمر واقع
هكذا تمثل العبارة، اعترافا واضحا، من قبل واحدة من دولتي المصب، المتضررتين من السد الإثيوبي، بأن إمكانية إيقاف أديس أبابا عن ملئه، قد أصبحت من الماضي، وأن على السودان ومصر، التعامل مع القضية على أنها أمر واقع، والانصراف إلى تدابير، يمكن أن تحد من الأثر السلبي، لضعف تدفق المياه، بدلا من السعي لوقف إثيوبيا عن الملء وهو ما يبدو أنه قد بات غير مجد.
وكان وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، قد قال الإثنين 5 تموز/يوليو، إنه تلقى خطابا رسميا، من نظيره الإثيوبي، يفيد ببدء إثيوبيا عملية الملء الثاني، لخزان سد النهضة، وهي الخطوة التي ترفضها كل من مصر والسودان، وتعتبرانها إجراء أحاديا من قبل أديس أبابا .
إقرأ المزيد
وفي ظل الحديث، عن تحول ملء سد النهضة الإثيوبي، إلى أمر واقع وفق المسؤولين السودانيين، فإنه لم يتبق من خيارات دبلوماسية، أمام كل من مصر والسودان، في مجال التعامل مع هذا الأمر الواقع، سوى جلسة مجلس الأمن، التي من المتوقع أن تنعقد الخميس 8 تموز/يوليو، للبحث في الموضوع، في وقت تبدو فيه الفجوة واسعة، بين توقعات كل من مصر والسودان من الجلسة، وما قد تسفر عنه فعليا.
وخلال اجتماع ضمهما في نيويورك، حيث يستعدان لجلسة مجلس الأمن، اتفق وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع نظيرته السودانية مريم صادق المهدي، على رفض إعلان إثيوبيا بدء ملء خزان سد النهضة، وعلى”ضرورة الاستمرار في إجراء اتصالات ومشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن”.
توقعات كبيرة
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد قال في تصريحات لقناة تليفزيونية محلية في القاهرة، إنه يتوقع من مجلس الأمن، دفع أطراف أزمة سد النهضة، لإستئناف المفاوضات بشكل مغاير عن الماضي على حد قوله، وستكون جلسة الخميس ثاني انعقاد للمجلس بشأن السد الإثيوبي،إذ عقد جلسة مماثلة قبل عام، انتهت بحث الأطراف على الحوار، تحت قيادة الاتحاد الإفريقي.
غير أن المندوب الفرنسي، لدى الأمم المتحدة (نيكولا دي ريفيير)، والذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن هذا الشهر، قلل من التوقعات، من جلسة مجلس الأمن المرتقبة، وقال بأنه لن يكون بمقدور المجلس، حل الخلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا، حول سد النهضة، معتبرا الأمر “خارج نطاق المجلس”، لكنه سيدعو الدول الثلاث للتفاوض.
إجراءات احترازية
ومع تحول ملء سد النهضة إلى أمر واقع، يرى مراقبون، أن هناك مؤشرات في كل من السودان ومصر، على الاستعداد للتعامل مع هذا الواقع الجديد، ففي الوقت الذي شددت فيه اللجنة السودانية العليا المختصة بالسد، على “أهمية استمرار الاجراءات الاحترازية لتقليل الآثار السلبية للملء الثاني للسد”. قال وزير الري السوداني ياسر عباس، إن السودان بدأ باتخاذ احتياطات، لمواجهة عجز في المياه “لعدم توفر أي معلومات أو تبادل للبيانات مع أثيوبيا”
وكانت وزارة الري السودانية، قد إعلنت اتخاذ عدة إجراءات، تحسبا للملء الثاني لسد النهضة، وقالت في بيان لها حينها، إنها ستبدأ بحجز 600 مليون متر مكعب، من المياه بخزان جبل الأولياء، تحسبا للملء الثاني للسد، داعية كل المزارعين والرعاة، ومحطات مياه الشرب، ومشروعات الري، ومستخدمي المياه، والمواطنين عامة، إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لتجاوز آثار ملء وتشغيل سد النهضة.
وفي مصر يرى مراقبون أيضا، أنه وبعد فشل كل الضغوط الاقليمية والدولية على اثيوبيا، فإن السلطات المصرية تبدو ساعية للتعامل مع القضية كأمر واقع، إذ يبدو واضحا على المستوى الداخلي، سعي السلطة إلى إيجاد بدائل مختلفة لمياه النيل.
والمتابع لوسائل الإعلام الداخلية في مصر، يمكنه أن يلمس تبنيا لخطط، تهدف إلى توفير المياه من جانب، وتقليل المهدر منها من جانب آخر،عبر ترشيد الاستهلاك، وكذلك إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، واستزراع أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية، تحتاج لكميات أقل من المياه، في وقت يتم فيه الحد من زراعة المحاصيل، التي تحتاج إلى كميات أكبر من المياه مثل قصب السكر والأرز.