تعرض موقع فيسبوك هذا الأسبوع إلى سلسلة من الانتقادات والاتهامات، بشأن الأساليب التي ينتهجها في سياقات العمل داخل المؤسسة، بناء على تسريبات نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال، ووسائل إعلامية أخرى، وفقا لـBBC.

واستقت وسائل الإعلام أغلب معلوماتها من مستندات داخلية سُربت من فيسبوك، الأمر الذي يشير إلى أشخاص سربوا هذه البيانات في صفوف العاملين في الشركة.

وتضمنت الوثائق مادة وفيرة يمكن للحكومة والهيئات المسؤولة عن تنظيم عمل وسائل التواصل للاجتماعي الاعتماد عليها في اتخاذ الإجراءات المناسبة.

ولكن فيسبوك دافعت عن نفسها ورفضت كل الاتهامات الموجهة إليها.

فيسبوك تعامل مع المشاهير بطريقة مختلفة

حسب الوثائق التي نشرتها وول ستريت جورنال فإن العديد من المشاهير والسياسيين وشخصيات بارزة من المشتركين في الموقع استفادوا من قواعد مختلفة تضبط ما يمكنهم نشره بالنسبة لهم، وفق نظام خاص يعرف باسم “كروس جيك”.

ترامب

واعترفت فيسبوك بأن الانتقادات التي تعرض لها بخصوص نظام الضبط الخاص “كروس جيك” كانت”منصفة”، ولكنها قالت إن النظام صُمم لكي يوفر “خطوة إضافية” عندما يتطلب المنشور المزيد من الفهم.

وأضافت أن: “هذا قد يشمل الناشطين الذين يُنبهون إلى حوادث العنف أو الصحفيين الذي يكتبون تقارير من مناطق النزاعات”.

وأوضحت أن العديد من الوثائق التي أشارت إليها وول ستريت جورنال تضمنت “معلومات قديمة حيكت في شكل روايات تُغفل النقطة الأساسية، وهي أن: فيسبوك كشفت بنفسها عن وجود بعض القضايا في نظام “كروس جيك” وهي تعمل على معالجتها”.

وعلى الرغم من دفاع موقع فيسبوك عن نفسه فإن هيئة المراجعة التي عينها من أجل اتخاذ القرار بشأن الحالات المعقدة المتعلقة بضبط المنشورات طالبت بالمزيد من الشفافية.

وقالت الهيئة في مدونة هذا الأسبوع إنها: “لفتت الانتباه مجددا إلى ما بدا لها أنها طريقة غير منسجمة في اتخاذ القرارات داخل الموقع”.

وطلبت شروحا مفصلة عن كيفية عمل نظام الضبط “كروس جيك”.

وحذرت من أن انعدام الوضوح في كيفية عمل هذا النظام قد يغذي التصور بأن فيسبوك “خضع في قراراته لاعتبارات سياسية واقتصادية”.

وأصدرت هيئة المراجعة، منذ إنشائها للنظر في طريقة ضبط المحتوى، 70 توصية للشركة من أجل تحسين سياستها. وعينت الآن فريقا لتقييم تنفيذ هذه التوصيات في الموقع.

استجابة الشركة لمخاوف العاملين بشأن قضية الاتجار بالبشر كانت “ضعيفة” في أحيان كثيرة

وجاء في الوثائق التي نشرتها الصحيفة أن موظفي فيسبوك نبهوا مرارا إلى نشاط تجار المخدرات وعصابات الاتجار بالبشر على الموقع، ولكن تعامل الشركة مع القضية كان “ضعيفا”.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2019 نشرت بي بي سي عربي تقريرا عن بيع خادمات البيوت على موقع إنستغرام.

وحسب الوثائق فإن فيسبوك كان على علم بالقضية. وتقول الصحيفة إن الموقع لم يتخذ إلا إجراءات محدودة، بعدما هددت شركة أبل بسحب منتجاته من متجر تطبيقاتها.

وذكرت شركة فيسبوك دفاعا عن نفسها أن لديها “استراتيجية شاملة” لضمان سلامة الناس، بما فيها “فرق على المستوى العالمي يتحدث أفرادها 50 لغة، وموارد تعليمية، وشراكات مع خبراء محليين، ومدققين خارجيين”.

ويحذر المنتقدون من أن موقع فيسبوك لا يملك القدرات لضبط كل المحتوى على منصته، وحماية مشتركيه البالغ عددهم 2.8 مليار.

وعبر ديفيد كيركباتريك مؤلف كتاب “أثر فيسبوك” في تصريح لبي بي سي عن شعوره بأن فيسبوك لا حافز لديه “لعمل أي شيء لتخفيف الضرر”. خارج الولايات المتحدة.

وقال إنهم فعلوا الكثير من الأشياء، من بينها توظيف عشرات الآلاف من المراجعين، ولكن “الرقم البارز في وثائق وول ستريت جورنال هو أن 13 في المئة فقط من إجراءات مكافحة التضليل وصناعة الكذب في 2020 كانت خارج الولايات المتحدة”.

وأضاف أن “90 في المئة من خدمات فيسبوك هي خارج الولايات المتحدة. وكان لها تأثير كبير سلبيا على سياسات دول مثل الفلبين وبولندا والبرازيل والمجر وتركيا، ولكن الموقع لا يفعل أي شيء لتصحيح ذلك”.

ويرى كيركباتريك أن فيسبوك يخضع “لضغوط العلاقات العامة” في الولايات المتحدة فقط، لأنها تؤثر على قيمة أسهمه في السوق.

شركة فيسبوك تواجه دعوى قضائية كبيرة رفعها أصحاب أسهم فيها

وتواجه شركة فيسبوك أيضا دعوى قضائية معقدة رفعتها ضدها مجموعة من أصحاب الأسهم فيها.

وتدعي المجموعة أن مبلغ 5 مليارات دولار، الذي دفعته شركة فيسبوك للجنة التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة، لتسوية فضيحة كيمبرج أناليتيكا كان بهذه الضخامة فقط من أجل حماية مارك زوركربورغ من المسؤولية الشخصية.

وقالت شركة فيسبوك إنها ليس لديها ما تقوله بخصوص الدعوى.

هل روج موقع فيسبوك قصصا إيجابية عن نفسه؟

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز هذه الأسبوع أن موقع فيسبوك شرع في مبادرة لترويج محتوى داعم له في منشورات المشتركين من أجل تحسين صورته.

وقالت الصحيفة إن المشروع صمم من أجل “إظهار قصص إيجابية عن التواصل الاجتماعي”.

ورد فيسبوك أنه لم تطرأ أي تغييرات على تصنيف المحتوى في الوقع.

وأوضح المتحدث باسم الشركة جو أوزبورن في سلسلة تغريدات أن “وحدة المعلومات في فيسبوك” كانت صغيرة وشملت 3 مدن فقط، بمنشورات وصفت بوضوح بأنها صادرة عن الشركة.

وقال إنها تشبه مبادرات اتخذتها شركات تكنولوجيا أو شركات منتجات استهلاكية أخرى.

شركة فيسبوك كانت تعرف أن إنستغرام “فيه ضرر” للمراهقين

ومن بين ما كشفت عنه الوثائق المسرية هو أن شركة فيسبوك أجرت دراسة دقيقة حول تأثير إنستغرام على الشباب ولم تنشر نتائجها التي وجدت أن المنصة مضرة لكثير منهم.

وجاء في تقرير وول ستريت جورنال أن الدراسة بينت أن 32 في المئة من المراهقات المستجوبات فيها قُلن إن إنستغرام فاقم شعورهن بالخجل بشأن أجسامهن.

وذكرت قناة فوكس نيوز هذا الأسبوع أن المبلغين الذين سربوا هذه الوثائق سيكشفون عن هوياتهم وسيتعاونون مع الكونغرس.

وإذا تبينت صحة هذه المعلومات فإن إحجام فيسبوك عن نشر نتائج دراسته عن الضرر الذي تلحقه منصاته سيدفع السياسيين الأمريكيين إلى التفكير في الكثير من الأشياء المتعلقة بالموقع.