دبي- مصادر نيوز
يتمنى معظم الناس أن يعيشوا حياة سعيدة وطويلة، أو على الأقل تجنب حياة قصيرة وبائسة وإذا كنت من ضمن هؤلاء الناس، فأنت محظوظ، وفقا لـBBC.
على مدى العقد الماضي، حدثت ثورة بحثية في فهمنا لبيولوجيا الشيخوخة. والتحدي هو تحويل هذه المعرفة إلى نصائح وعلاجات يمكننا الاستفادة منها.
هنا نفند الأسطورة القائلة بأن إطالة متوسط العمر المتوقع هو مجرد خيال علمي، وسنبين أنها حقيقة علمية قابلة للتحقيق بالطرق التالية:
أولاً: التغذية وأسلوب الحياة
هناك الكثير من الأدلة على فوائد القيام بالأشياء الروتينية المملة، مثل تناول الطعام بطريقة صحيحة.
أظهرت دراسة جرت على مجموعات كبيرة من الأشخاص العاديين أن الحفاظ على الوزن المناسب وعدم التدخين والتخفيف من شرب الكحول وتناول خمس حصص على الأقل من الفاكهة والخضروات يومياً، يمكن أن يزيد من متوسط العمر المتوقع بمقدار ما بين 7 إلى 14 عاماً، مقارنة مع الذين يدخنون ويتعاطون الكحول بكثرة ويعانون من زيادة الوزن.
وفي تجربة على الفئران والقرود، أدى تخفيض السعرات الحرارية بمقدار الثلث تقريباً والتي تسمى بالحمية الغذائية، إلى تحسين صحتهم وإطالة عمرهم، طالما تناولوا أشياء مناسبة.
ولكن، هذا طلب صعب بالنسبة للأشخاص الذين تغريهم أنواع الأطعمة المختلفة.
ويُعتقد أن الصيام في أوقات محددة أو الصيام المتقطع – تناول الطعام فقط خلال ثماني ساعات في اليوم – أو الصيام يومين أسبوعياً، يقلل من خطر إصابة الأشخاص في منتصف العمر بالأمراض المرتبطة بتقدم السن.
ثانياً: النشاط البدني
إذا لم تكن قادراً على تجنب نظام غذائي سيئ، فهذا لا يعني أن التمارين الرياضية لن تجدي نفعاً. فعلى مستوى العالم، يتسبب الخمول بشكل مباشر في وفاة ما يقرب من 10 في المئة من جميع حالات الوفاة المبكرة الناجمة عن الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب التاجية والسكري من النوع 2 وأنواع مختلفة من السرطان.
وإذا قام كل شخص بتمارين كافية، فسيكون غده أفضل وقد يزيد ذلك متوسط العمر المتوقع للإنسان الصحي بحوالي عام تقريباً.
ولكن ما هي المدة المثالية لممارسة التمارين الرياضية؟
تعد المعدلات المرتفعة جداً من الرياضة ضارة بالنسبة إليك، ليس لأنه يسبب تمزق العضلات أو التواء الأربطة فحسب، بل أيضاً لأنه قد يثبط جهاز المناعة ويزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي العلوي. فالنشاط المعتدل الذي يزيد قليلاً عن نصف ساعة بشكل يومي كافٍ بالنسبة لمعظم الناس.
وهذا لا يجعلك أقوى وأكثر لياقة فحسب، بل ثبت أنه يقلل من الالتهابات الضارة ويحسن من الحالة المزاجية أيضاً.
ثالثاً: تحفيز نظام المناعة
بغض النظر عن لياقتك البدنية وحسن تناولك للطعام، فإن نظام المناعة لديك، للأسف، سيصبح أقل فعالية مع تقدمك في السن.
الاستجابات الضعيفة للتطعيم وعدم القدرة على محاربة العدوى هي من عواقب هذا “الضعف المناعي”.
يبدأ النظام المناعي بالعد التنازلي في وقت مبكر من مرحلة البلوغ عندما تضعف الغدة الزعترية وتصاب بالخمول.
قد يبدو هذا سيئاً، لكن الأكثر إثارة للقلق هو عندما تدرك أن الغدة الزعترية هي المكان الذي تتعلم فيه العوامل المناعية التي تسمى الخلايا التائية مكافحة العدوى. ويعني إغلاق مثل هذا المركز التعليمي الكبير للخلايا التائية أنه لا يمكنها التعرف على الإصابات الجديدة أو محاربة السرطان بشكل فعال لدى كبار السن.
ويمكنك المساعدة قليلاً في هذا الأمر من خلال التأكد من تناولك ما يكفي من الفيتامينات الأساسية، وخاصة فيتامين (أ) وفيتامين (د).
وهناك أبحاث واعدة تنظر في الإشارات التي يرسلها الجسم للمساعدة في تكوين المزيد من الخلايا المناعية، وخاصةً الجزيء المسمى (IL-7 ). و قد نتمكن قريباً من إنتاج أدوية تحتوي على هذا الجزيء، مما قد يعزز جهاز المناعة لدى كبار السن.
وهناك طريقة أخرى لتحفيز الجهاز المناعي، وهو استخدام المكمل الغذائي سبيرميدين spermidine لتحفيز الخلايا المناعية للتخلص من الفضلات الداخلية، مثل البروتينات التالفة، مما يحسن نظام المناعة لدى كبار السن لدرجة أنه يتم اختباره الآن كطريقة للحصول على استجابات أفضل للقاحات كوفيد 19 لدى كبار السن.
رابعاً: تجديد الخلايا
الشيخوخة هي حالة غير مستحبة تدخلها الخلايا مع تقدمنا في السن، وتسبب الاضطرابات في جميع أنحاء الجسم وتتسبب في مستوى منخفض من الالتهابات المزمنة والأمراض، مما يؤدي إلى الشيخوخة البيولوجية.
في عام 2009 ، أظهر العلماء أن الفئران في منتصف العمر تعيش لفترة أطول وتحافظ على صحتها إذا تم إعطاؤها كميات صغيرة من عقار يسمى “رابامايسين”، الذي يثبط بروتيناً رئيسياً يسمى mTOR ، إذ يساعد هذا البروتين على تنظيم استجابة الخلايا للمغذيات والتوتر والهرمونات والأضرار.
وفي المختبرات، عقاقير مثل الراباميسين، تسمى (مثبطات mTOR ) تجعل الخلايا البشرية المسنة تتصرف كتلك الشابة.
ورغم أنه من السابق لأوانه وصف هذه الأدوية للاستخدام العام، فقد تم إعداد تجربة سريرية جديدة لاختبار ما إذا كانت الجرعات المنخفضة من الراباميسين يمكنها حقاً إبطاء الشيخوخة لدى الأشخاص.
اكتُشف الراباميسين في تربة جزيرة إيستر في تشيلي، ويحمل في طياته لغزاً مهماً و تم الترحيب به في الصحافة الشعبية باعتباره “إكسير الشباب” المحتمل. ويمكنه أيضاً تحسين ذاكرة الفئران المصابة بمرض شبيه بالخرف.
لكل الأدوية مزايا وعيوب. وبما أن تناول الكثير من الراباميسين يثبط جهاز المناعة، يعارض الكثيرون من الأطباء حتى مجرد اعتباره عقاراً لدرء الأمراض المرتبطة بتقدم السن.
لكن مقدار الجرعة شيء خطير أيضاً، والأدوية الأحدث مثل RTB101 التي تعمل بطريقة مماثلة للراباميسين تدعم الجهاز المناعي لدى كبار السن، ويمكن حتى أن تقلل من معدلات الإصابة بفيروس كورونا وتحد من شدة الأعراض.
خامساً: تنظيف الخلايا المعمرة (الشائخة)
التخلص التام من الخلايا المعمرة هو طريقة أخرى واعدة للمضي قدماً. يظهر عدد متزايد من الدراسات المختبرية التي تجري على الفئران التي تستخدم الأدوية لقتل الخلايا المعمرة التي تسمي “دواء مضاد للشيخوخة” تحسناً عاماً في الصحة، وبما أن الفئران لا تموت بسبب المرض، ينتهي بها الأمر بها إلى العيش لفترة أطول أيضاً.
وتساعد إزالة الخلايا المعمرة لدى الأشخاص أيضاً. ففي تجربة سريرية صغيرة، أفاد الأشخاص المصابون بالتلييف الرئوي الحاد القيام بوظائفهم العامة بشكل أفضل، بما في ذلك المسافة التي يقطعونها وسرعة مشيهم، بعد أن عولجوا بأدوية مضادة للشيخوخة (senolytic).
لكن هذا ليس سوى غيض من فيض. إذ يمكن لمرض السكري والبدانة وكذلك الإصابة ببعض البكتيريا والفيروسات، أن تؤدي إلى تكوين المزيد من الخلايا المعمرة.
تجعل الخلايا المعمرة أيضاً الرئتين أكثر عرضة للإصابة بكوفيد 19، كما أن كوفيد يجعل المزيد من الخلايا تصاب بالشيخوخة، والأهم من ذلك، أن التخلص من الخلايا المعمرة في الفئران المسنة يساعدها على النجاة من فيروس كورونا.
يصاب كبار السن بمزيد من الأمراض المعدية حيث تبدأ أجهزتهم المناعية فيالتوقف تقريباً بينما تؤدي العدوى إلى التقدم في العمر بشكل أسرع من خلال الخلايا المعمرة.
ونظراً لأن التقدم بالسن والخلايا المعمرة مرتبطان بكل من الأمراض المزمنة والمعدية لدى كبار السن بشكل وثيق، فمن المرجح أن يؤدي علاج الخلايا المعمرة إلى تحسين الصحة بشكل عام.
من المثير أن بعض هذه العلاجات الجديدة تبدو واعدة بالفعل في التجارب السريرية وقد تكون متاحة لنا جميعاً قريباً.
ملاحظة: ريتشارد فارهار: بروفسور في علم الأحياء في جامعة برايتون بالمملكة المتحدة، و لين كوكس، أستاذة مشاركة في الكيمياء الحيوية في جامعة أكسفورد.