دبي- مصادر نيوز
أعلنت شركة تأجير السيارات الأميركية هيرتز Hertz في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي دفع 4.2 مليار دولار لشركة السيارات الكهربائية تيسلا، مقابل شراء 100 ألف سيارة جديدة ستضمها إلى أسطول سياراتها المتاحة للتأجير بحلول 2022، وفقا لـ فوربيس.
وكان للإعلان تأثير إيجابي فوري في الطرفين، فقد ارتفعت أسهم شركة هيرتز بنحو 10٪ وارتفعت أسهم تيسلا بنحو 13٪. ووصفت شبكة CNBC الإعلان بأنه “نقطة تحول” يمكن أن تقود صناعة تأجير السيارات إلى “عصر تغير المناخ” الجديد.
هل الصفقة حقيقة؟
نفى إيلون ماسك، الأسبوع الماضي، في تغريدة على تويتر توقيع تيسلا عقدًا مع هيرتز. وتذبذبت إثر هذا أسعار أسهم الشركتين في ظل مخاوف من التلاعب.
إلا أن هذه المخاوف ما لبثت أن تبددت سريعًا، حيث أكد متحدث باسم هيرتز الأمر علنًا وقال إن عمليات تسليم سيارات تيسلا قد بدأت بالفعل. والسؤال الذي يجب طرحه الآن هو ما إذا كانت جميع المركبات التي يبلغ عددها 100 ألف سيارة ستصل بالفعل في غضون 14 شهرًا القادمة، حيث ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الجانبين لا يزالان “يدققان في التفاصيل” لجدول زمني محدد للتسليم.
وتعد هذه الصفقة أحدث خطوة في رحلة الانتعاش الملحوظة التي تشهدها شركة هيرتز، بعد أخبار الإغلاق والإفلاس ونقص السيارات خلال فترة الجائحة.
تأسست شركة هيرتز في 1918 في شيكاغو، وظلت لعقود عديدة من العلامات البارزة في قطاع تأجير السيارات في الولايات المتحدة، حيث حققت إيرادات بمليارات الدولارات كل عام.
كانت تلك الإيرادات الكبيرة تعتمد على حركة سفر وتنقل العملاء، الأمر الذي توقف عندما تفشت الجائحة ومن هنا بدأت المشكلات.
بحلول نهاية أبريل/ نيسان 2020، كانت شركة هيرتز تخسر مدفوعات الإيجار على سياراتها المستأجرة. وفي 18 مايو/ أيار، استقالت كاثرين مارينيلو من منصب الرئيس التنفيذي. وبعد أربعة أيام، في 22 مايو/ أيار، تقدمت الشركة بطلب إفلاس، حيث أدرجت ديونًا بقيمة 18 مليار دولار. وبعد ذلك بفترة وجيزة، باع المستثمر الناشط الشهير، كارل إيكان، حصته البالغة 39٪ في شركة هرتز مقابل 72 سنتًا فقط للسهم، متكبدًا خسارة قدرها ملياري دولار.
التحول الدرامي
الغريب أن المستثمرين الأفراد عادت طلباتهم على أسهم هيرتز، بعضهم مدفوع بالاعتقاد بأن علامة هيرتز التجارية ستبيع في النهاية ما يكفي لإعادة القيمة إلى حاملي الأسهم، والآخر مدفوع بمضاربة محضة. أيًا كان السبب، كانت النتيجة أن أسهم هيرتز ارتفعت بنسبة 1000٪ في غضون أسبوعين، حيث ارتفعت من 59 سنتًا للسهم إلى 5.50 دولار.
وحاولت شركة هيرتز اقتناص الفرصة والحصول على رأس المال. وفي خطوة استثنائية، أعلنت الشركة المفلسة في يونيو/ حزيران عن خطط لبيع ما يصل إلى مليار دولار من الأسهم الجديدة، وحذرت المستثمرين من أن “الأسهم العادية قد تكون في نهاية المطاف عديمة القيمة”. وتمكنت بالفعل من جمع 29 مليون دولار قبل تدخل لجنة الأوراق المالية والبورصات. وعندما بدأ الشغف بالأسهم في التلاشي، ألغت بورصة نيويورك في أكتوبر/ تشرين الأول إدراج هيرتز رسميًا، ما أدى إلى تحويل الشركة إلى عالم الأسهم الصغيرة التي تتداول أسهمها بأقل من 5 دولارات للسهم.
وأصبح المستثمرون الأفراد الذين ضخوا أموالهم في شركة مفلسة محط السخرية. فيما بعد دارت الدائرة، حين اتضح الهدف من هذا الاستثمار. فقد أدى النقص العالمي في السيارات، الناجم عن النقص العالمي في الرقائق، إلى ارتفاع أسعار السيارات المستعملة خلال النصف الثاني من 2020، ما عاد بالفائدة على شركة هيرتز التي باعت مئات الآلاف من المركبات، أي ما يقارب ثلث أسطولها الإجمالي. وعندما عاد السفر والتنقل بشكل أسرع مما توقعه الكثيرون، ومع نقص السيارات، استطاعت شركة هيرتز ومنافسوها إيجار ما تبقى من مخزونهم مقابل أسعار مذهلة، أكثر من 300 دولار في اليوم في بعض المدن.
عودة المستثمرين
عندما بدأت هيرتز عملية البحث عن استثمارات جديدة للمساعدة في إخراج الشركة من الإفلاس، كان الإقبال عليها كبيرًا. ووجدت طلبًا عليها من مجموعة من شركات الأسهم الخاصة، بما في ذلك Warburg Pincus وCenterbridge Partners. وأثمرت المنافسة في العطاءات عن الفائزين في مايو/ أيار، وهم شركة الاستشارات الاستثمارية Knighthead Capital Management وشركة الاستشارات الاستثمارية Certares Management، اللتان وافقتا على إعطاء هيرتز نحو 5.9 مليار دولار من رأس المال الجديد وخفض 5 مليارات دولار من عبء ديونها.
عادت الصفقة أيضًا بربح قوي على المستثمرين الأفراد الذين هرعوا للاستثمار في هيرتز قبل عام بنحو 8 دولارات لكل سهم، ما يشير إلى تغير طبيعة سوق الأسهم في عصر تحكمه شهرة الأسهم وانتشار أخبارها.
خرجت شركة هيرتز رسميًا من الإفلاس في الأول من يوليو/ تموز، ووصل سعر أسهمها في التداول خارج البورصة إلى 22 دولارًا للسهم. ومن المتوقع أن تعود إلى سوق الأوراق المالية الحقيقي، حيث تقدمت الشركة الشهر الماضي للاكتتاب العام في بورصة ناسداك، وسط ضجة تحوم حول أسهمها وصفقة من سيارات تيسلا في الطريق.
تم تداول سهمهيرتزعند إغلاق يوم الجمعة عند 34.39 دولار للسهم الواحد، ما رفع القيمة السوقية للشركة فوق 16 مليار دولار. لقد كان صعودًا مذهلاً من حافة الموت.