دبي- مصادر نيوز
في عام بلغت فيه نسبة الاستقالات ذروتها، وارتفع فيه نقص العمالة إلى مستويات قياسية على نطاق واسع، فضلًا عن “المنافسة للحصول على أفضل القدرات” بين أرباب العمل، كانت إحدى أكبر القصص في عالم الأعمال لعام 2021 متعلقة بارتفاع حجم الوظائف الشاغرة بشكل غير مسبوق.
ارتفاع نسبة الوظائف الشاغرة
لكن أي الوظائف شهد نسبة أكبر في نقص العمالة بين عامي 2020 و2021؟ يرجع ارتفاع نسبة الوظائف الشاغرة إلى أمرين، فمن ناحية، هناك وظائف اختفت في عام 2020 ولكنها عادت بشكل كبير خلال العام الماضي: مثل منظمي الفعاليات والعاملين في الحانات ومختصي التدليك والعاملين في المطاعم، وشهدت هذه الوظائف جميعها نموًا بنسبة 60٪.
ومن ناحية أخرى، كان هناك طلب على فئة من الوظائف بما يشير على الأرجح إلى تحولات دائمة ناجمة عن الوباء، مثل الارتفاع الهائل في التعيينات لسائقي الشاحنات والعاملين في القطاع اللوجستي وعاملي المستودعات، نظرًا إلى ما تركه الوباء من آثار دائمة على ساحة البيع بالتجزئة وقلب عادات المستهلكين رأسًا على عقب.
تقول نائب رئيس استخبارات السوق في ManpowerGroup، رالين غاغنون: “إنه انعكاس ليس فقط في التحول في قطاع النقل والخدمات اللوجستية ولكن في ثقافتنا بشكل عام” وتضيف: “هو أمر له علاقة بالتغيرات الاجتماعية”، فيما قامت شركة ManpowerGroup بتحديد هذه البيانات في تحليل حصري لفوربس.
شهد سائقو الشاحنات أكبر زيادة في الوظائف الشاغرة من نهاية عام 2020 إلى أواخر عام 2021، حيث نمت نسبة الوظائف الشاغرة في القطاع بنحو 761٪ بينما يكافح القطاع مع تحديات الاحتفاظ بالموظفين بسبب عدم الكفاءة وظروف العمل والأجور بما أدى إلى تفاقم اضطرابات سلاسل التوريد هذا العام.
يتابع فريق استخبارات السوق في ManpowerGroup ملايين الوظائف الشاغرة عبر أكثر من 200 من مواقع التوظيف كل أسبوع، ويحدد الإعلانات المكررة لتحديد الوظائف الأكثر طلبًا في الشركات. يقارن التحليل المقدم إلى فوربس النمو في الوظائف الشاغرة من ديسمبر/ كانون الأول 2020 إلى ديسمبر/ كانون الأول 2021، ويشمل ذلك بعض عمليات التوظيف الموسمية في نهاية العام.
ذوو الياقات البيضاء
كان توظيف الخبراء والتقنيين وذوي الياقات البيضاء أقوى في النصف الأول من العام، ما قد يساعد في تفسير هيمنة العاملين بالساعة والوظائف التي تتطلب مهارات أقل على القائمة الحالية، والتي يزداد الطلب على بعضها في أيام العطلات.
لكن يوجد سبب آخر ألا وهو أن الكثير من “الاستقالات الكبرى” كانت تحدث بين العمال ذوي الأجور المنخفضة الذين سعوا إلى الانتقال إلى وظائف ذات رواتب أعلى وسط نقص العمالة، بحسب مايكل ستول، نائب الرئيس الأول لشركة Manpower في أميركا الشمالية، الذي قال: “مع عودة الطلب وظهور الفجوة الكبيرة بين العمال، أصبح هذا هو الأمر الأكثر تأثيرًا، هذا هو الأمر الذي يعاني منه الاقتصاد كل يوم”.
ومع ذلك، تشير غاغنون إلى أن النمو في الوظائف الشاغرة لذوي الياقات البيضاء هو أمر ملحوظ كذلك في القائمة الحالية، ويعكس تأثير الوباء.
لم يكن الارتفاع في وظائف هندسة البرمجيات مفاجئًا بعد سنوات من نمو الوظائف في قطاع التكنولوجيا، لكن غانيون تقول إن التعيينات خلال العام الماضي، عندما ارتفعت احتياجات أماكن العمل إلى المنصات الرقمية وغيرها من البرامج، شهدت زيادة بنسبة 49٪، وتجاوزت متوسط النمو السنوي السابق للوباء بنسبة 10٪ تقريبًا.
في حين إن النمو البالغ 107٪ في الطلب على محللي الشؤون المالية والبيانات ومحللي الأعمال هو علامة على الحيرة وعدم اليقين اللذين تواجههما العديد من الشركات في التنبؤ باحتياجاتهم وأدائهم المستقبلي.
وفي ظل الوباء، “لا توجد طريقة سهلة للمقارنة والتخطيط لما سيأتي، حيث لا يزال هناك الكثير من الأشياء تظل مجهولة”، بحسب غاغنون.
وتوضح: “تُضاعف الشركات من تعيينات المحللين. إذ هناك العديد من المتغيرات الجديدة التي لم يتم أخذها في الحسبان في نماذجها الجديدة”، وأشارت إلى أنها تشرف على فريق استخبارات السوق في Manpower الذي تضاعف حجمه منذ بداية الجائحة: “ستظل هذه الوظائف مهمة”.
الطلب على مسؤولي التوظيف
من المحتمل كذلك أن يظل الطلب مرتفعًا على شركات التوظيف في عام 2022. إذ إنه في الفترة بين عامي 2020 و2021، ارتفع الطلب على شركات التوظيف بنسبة 146٪. ويرجع ذلك لسببين: أحدهما هو أنه تم تسريح العديد من العاملين في عام 2020 وانتقلوا إلى وظائف مبيعات أخرى، مع تداخل الكثير من المهارات بحسب غاغنون، لذا كان من الصعب تعيينهم مرة أخرى.
وتقول إن إحدى الشركات نقلت مسؤولي التوظيف في عام 2020 لمساعدة فرق المبيعات في مراكز الاتصال الخاصة بها بدلاً من تسريحهم.
ولكن عندما عرضت عليهم الشركة العودة إلى قسم الموارد البشرية، “رفضوا جميعًا ذلك، لأنهم كانوا يكسبون المزيد من الأموال في قسم المبيعات”.
يقول ستول إن الطلب على مسؤولي التوظيف مدفوع أيضًا باعتقاد أصحاب العمل غير الصحيح بأن توظيف المزيد من العاملين في مجال الموارد البشرية سيساعدهم في حل الفجوات في القوى العاملة لديهم. “يشعر الجميع بالنقص ويحاولون حل هذه المشكلة من خلال توظيف المزيد من مسؤولي التوظيف. يقول ستول: “إنهم يعتقدون أنهم سيكونون قادرين على جذب المزيد من العمال في حين أن الاقتصاد قد تغير حقًا في مشهد التوظيف، يحتاج أرباب العمل إلى توفير وظائف أفضل”.
الطلب على الممرضات
فيما تضم القائمة وظيفة واحدة كانت متوقعة، والتي توضح بشكل كبير تأثير الوباء على الوظائف الشاغرة في عامي 2020 و2021، وهي زيادة الطلب على الممرضات في جميع المجالات، ولاسيما في غرف الطوارئ في المستشفيات بالدولة والتي شهدت نسبة هائلة من المرضى المصابين بكوفيد-١٩.
وبينما تركت بعض الممرضات العمل بسبب قوانين فرض اللقاح، واجه البعض الآخر الإنهاك في العمل بسبب نقص القدرات والساعات الطويلة مع مضي عامين من تفشي الوباء. الممرضات، كما تقول غاغنون، “منهكات للغاية، ولا يستطعن العمل على مدار الساعة”. ومع التفشي السريع لمتحوّر أوميكرون، سيظل الطلب مرتفعًا على توظيف الممرضات في عام 2022 أيضًا.