دبي- مصادر نيوز
لم يعرف عن إيلون ماسك من قبل كونه مانحًا خيريًا كبيرًا، خاصة مع حجم ثروته الضخمة، والتي تقدرها فوربس عند 238.2 مليار دولار بتاريخ 18 فبراير، إلا أن وثيقة إفصاح جديدة مقدمة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، كشفت أن الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، حول 5 ملايين سهمًا من أسهم الشركة في نوفمبر، بقيمة 5.7 مليار دولار في ذلك الوقت، إلى “مؤسسة خيرية”، وفقا لـ فوربس.
وإذا كان هذا صحيحًا، فإن هذه المنحة ستعادل 2.3% من صافي ثروته، وعلى الرغم من أنها ليست بالنسبة الكبيرة، إلا أنها تتجاوز ما قدمه سابقًا بمعدل 20 ضعف.
شبح الهدية الضخمة
عندما تم الكشف عن المنحة لأول مرة، تكهن البعض بأن ماسك – أغنى شخص في العالم – قدم منحة ضخمة إلى برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، حيث كان قد غرد قبل شهر من تحويل الأسهم في نوفمبر/تشرين الثاني، بأنه سيتبرع بمبلغ 6 مليارات دولار لبرنامج الأغذية العالمي – ولكن هل” ستحل 6 مليارات دولار الجوع في العالم؟”
ظن البعض أن ماسك، الذي لديه تاريخ طويل من نشر التغريدات على تويتر، كان يلمح فقط بكلامه، إذ لم يتلق برنامج الأغذية العالمي مثل هذه المنحة، كما أخبر فوربس يوم الثلاثاء.
وقال المدير التنفيذي للمنظمة، ديفيد بيسلي، في بيان: “سنرى إذا كان برنامج الأغذية العالمي سيتلقى أيًا من هذه الأموال، ولكنني متحمس لسماع أن إيلون سيشارك”.
لم تعلن أي جمعيات خيرية أخرى عن تلقي منحًا حتى الآن، ولم يستجب ماسك لطلبات متعددة للتعليق.
التفسير المنطقي هو أن هذه الأموال قد ذهبت لحسابdonor-advised fund، الذي يتعامل وكأنهحساب مصرفي خيري، فهي لا تتطلب شروطًا معينة مثل التوزيعات السنوية أو الإفصاحات العامة عن المنح المرتبطة بمانح معين.
ويمكن للمال أن يبقى في هذه الحسابات لسنوات دون الذهاب إلى أي مجموعة غير ربحية، ولهذا السبب لا تحسب فوربس مثل هذه الأموال عند تحديدها لأكبر المليارديرات إنفاقًا على الأعمال الخيرية، ما لم يشارك الملياردير تفاصيل حول المنح التي قدمتها هذه الحسابات بالفعل، مثلما فعل ممثل ماسك في السابق.
بلغت نسبة التبرعات التي قدمها ماسك من خلال هذه الحسابات20% من إجمالي المبالغ التي قدمها ماسك إلى الجمعيات الخيرية طوال حياته والبالغ 280 مليون دولار، دون حساب المنحة الضخمة الأخيرة.
تتمثل واحدة من المزايا الضريبية التي يتلقاها ماسك جراء وضع الأسهم في حسابDAF،في الخصم الضريبي الذي يصل إلى 30% من إجمالي دخله المعدل في 2021، والذي يحصل عليه بمجرد قيامه بالتبرع، على الرغم من أن الأسهم تقبع فيما يشبه المخزن الخيري.
أغنى رجل في العالم
يعد ماسك بين المليارديرات الأقل إحسانًا في العالم حتى الآن، خاصةً بالنسبة إلى حجم ثروته، إلا أن بعض الأدلة تشير إلى أنه قد يغير منهجه، ففي فبراير/شباط2021، أعلن ماسك عن جائزة “XPRIZE” بقيمة 100 مليون دولار لتقسيمها بين الفرق التي يمكنها إنشاء آليات لإزالة الكربون من الغلاف الجوي.
كما قدم ماسك العام الماضي 55 مليون دولار إلى مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال.
وتبرع بحوالي 30 مليون دولار لمجموعة متنوعة من المدارس العامة والمنظمات غير الربحية الموجودة في جميع أنحاء وادي ريو غراندي في جنوب تكساس، حيث تصنع سبيس إكس صواريخها؛ تم الإعلان عن التبرعات في مارس/آذار 2021 وسط انتقادات متزايدة من النشطاء المحليين الذين يقولون إن الشركة تضر بالنظام البيئي للمنطقة.
وبالنسبة للسنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران 2020، آخر سنة تتوفر إيداعاتها، خصصت مؤسسة ماسك أقل من 24 مليون دولار من إجمالي أصولها البالغة 941 مليون دولار. من ذلك، تم إيداع نحو 20 مليون دولار في حسابDAF. وذهب مبلغ 2.9 مليون دولار المتبقي لأسباب تتعلق بالتعليم.
كذلك حصل مركزMercatus، وهو مركز أبحاث ليبرالي في جامعة جورج ميسون في شمال فرجينيا يهدف إلى تعزيز أفكار السوق الحرة، على مليون دولار من ماسك، حيث كان هذا التبرع مخصصًا لـ “البحث العلمي عن كوفيد-19″، وفقًا للإيداع الضريبي لمؤسسة ماسك.
تبرع ماسك أيضًا لعدد قليل من المدارس الخاصة الحصرية في لوس أنجلوس في 2020، حيث خصصت مؤسسته 50 ألف دولار لدراسة الأجسام المضادة لكوفيد-19في جامعةSacred Heart، وهي جامعة كاثوليكية خاصة تقع في إحدى ضواحي مدينة نيويورك في ولاية كونيتيكت.
لم يحظ ماسك بمكان في تصنيفات فوربس لأكبر المليارديرات إنفاقًا على الأعمال الخيرية، والتي تتتبع الأعمال الخيرية كنسبة مئوية من صافي الثروة وتحسب الأموال التي وصلت إلى أيدي المؤسسات الخيرية.
وحتى الآن، بلغت النسبة التي تبرع بها ماسك 0.001% فقط من ثروته البالغة 246 مليار دولار في وقت إعداد القائمة، حيث لن تحسب فوربس التبرع البالغ 5.7 مليار دولار حتى نعلم أنه سيتم استخدامه بالفعل من قبل أحد المؤسسات الخيرية.
المليارديرات الآخرون
يتباهى معظم أقران ماسك من أصحاب الثروات بسجلات أفضل في مجال الإنجازات الخيرية، فعلى سبيل المثال، تبرع وارن بافيت، الذي يعد أكثر الملياديرات إحسانًا في العالم، بحوالي 46.1 مليار دولار في حياته، أو ما يعادل 40% من ثروته البالغة 115.6 مليار دولار وقت التقديرات.
كما تشارك بافيت وبيل غيتس في عام 2010 في تعهد العطاءGiving Pledge، الذي يعد قسمًا غير ملزم أقامه بعض أغنى أغنياء العالم للتبرع بمعظم ثرواتهم خلال حياتهم أو بعد وفاتهم.
وتبرع غيتس بمبلغ 33.4 مليار دولار إلى جانب زوجته السابقة ميليندا فرينش غيتس، أي 24% من صافي ثروتهما الإجمالية المقدرة البالغة 140.7 مليار دولار وقت التقديرات.
أما مؤسس أمازون، جيف بيزوس، ثالث أغنى شخص في العالم، فقد قدم 2.1 مليار دولار للقضايا الخيرية، بما في ذلك حوالي 1.3 مليار دولار لقضايا تركز على المناخ – وهو ما يعادل حوالي 1% من ثروته البالغة 188 مليار دولار وقت التقديرات.
تعهد ماسك
وقع ماسك على تعهد العطاء في 2012، وأشار الرئيس التنفيذي البالغ من العمر 50 عامًا إلى أنه سيكثف العطاء في وقت لاحق من حياته.
وفي 2018، كتب على تويتر أنه سيبيع ما قيمته 100 مليون دولار من أسهم تيسلا “كل بضع سنوات” للأعمال الخيرية وسيقدم “مبالغ كبيرة خلال 20 عامًا عندما تكون تيسلا في حالة مستقرة”.
ومنذ نشره تلك التغريدة، ارتفع سهم تيسلا بنسبة1200%، مما جعل ماسك أكثر ثراءً بمئات المليارات من الدولارات.
على الأرجح، سيتم الكشف عن مستلم (مستلمي) هدية ماسك البالغة 5.7 مليار دولار في وقت لاحق، وحتى ذلك الحين، يجدر بنا أن نتذكر أن ماسك أعطى أكبر مبلغ على الإطلاق في العام نفسه الذي باع فيه معظم أسهم تيسلا.
ربما كان سبب هدية الأسهم يتعلق بتخفيض فاتورته الضريبية أكثر من أي شيء آخر، وبالنظر إلى سجلات ماسك، فإن هذه الأموال لم تصل للمحتاجين بعد، وقد لا تصل لفترة من الوقت.