بناء الدول وحضارتها وتقدمها لا يعتمد على مدى توافر الإمكانات والثروات الاقتصادية فحسب وإنما يقوم في الأساس على فكر ونهج وجهود قادة يستطيعون توظيف هذه الإمكانات بالشكل الصحيح واستغلال الثروات في بناء الانسان وتوفير احتياجاته كافة، ليساهم كل فرد في تحقيق نهضة متكاملة للدولة، وهذا ما تمتعت به دولة الإمارات منذ تأسيسها.
وعلى مدار 2018 “عام زايد” احتفلنا بمئوية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هذا القائد والوالد المؤسس الذي أعطى نموذجاً متميزاً للقيادة، واحتفلنا بمواصلة مسيرة النهضة والعطاء التي غرس مبادئها في نفوس وعقول أبناء هذه الدولة، ومع ختام العام صادفتنا الذكرى الـ 50 لتولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أول مسؤولية قيادية في مسيرته عندما تولى مهام قيادة شرطة دبي.
50 عاماً لم يدخر خلالها صاحب السمو جهداً في سبيل رفعة شأن وطننا وبناء مواطنيه وتأهيلهم لمواكبة متطلبات المستقبل، مسيرة أرسى خلالها مفاهيم ومبادئ الإدارة الناجحة لمنظومة العمل في الدولة وحوكمة مؤسساته والتحول بالمنظومة الخدمية من شكلها التقليدي إلى مفهوميها الإلكتروني والذكي لتعمل على مدار 24 ساعة ملتزمة بمستوى خدمي من فئة الخمس نجوم، لتنتقل الخدمات الحكومية من مرحلة رضا المتعاملين إلى إسعادهم وتلبية طموحاتهم، وقدم خلالها نموذجاً متميزاً لشخصية القائد ورجل الدولة والوالد المعطاء لأبناء وطنه.
50 عاماً أهتم خلالها صاحب السمو بآلية العمل الحكومي ساعياً إلى تحقيق تميزها، فكان برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، والمسرعات الحكومية، واجتماعات حكومة الإمارات السنوية، ولأن الشباب هم العنصر الأهم في تطوير المجتمعات والدول في وقتنا الحاضر، حظيت هذه الفئة بصدارة اهتمام صاحب السمو، فتولوا حقائب وملفات وزارية وشاركوا في صناعة القرار ورسم الاستراتيجيات عبر تولى مناصب المسؤولية أو العضوية في مجالس الشباب أو بدعم وتعزيز قدرتهم على الابتكار والتحول لرواد أعمال.
الشخصية القيادية لصاحب السمو لم تقتصر على العمل والمسؤولية الحكومية فحسب، بل تمثل نموذجاً متكاملاً لما يجب أن يكون عليه القائد، فعلى الصعيد الشخصي يشكل تميزه الرياضي كفارس من الطراز الأول، وإبداعاته الشعرية قدوة للشباب، وحرصه على العطاء ونشر الأمل عبر مبادراته المحلية والإقليمية والعالمية حالة تميز عالمية.
عبر مقولة صاحب السمو “نحن شعب لا يرضى بغير المركز الأول.. تعلمنا من زايد وراشد أن المجد لمن يطلبه.. والقمة لمن يسعى إليها.. والمراكز الأولى لمن لا يرضى بغيرها”، وحرصه على تطبيقها وتحويلها لواقع، غرس هذا الفكر والهدف في نفوس وعقول مواطني الدولة فتحولت لحالة وسعي عام للمجتمع ككل.
50 عاماً حملت العديد من الإنجازات في كافة القطاعات والمجالات، ومنها مجال العمل من أجل البيئة والذي اخذ منحيين في مسيرة سموه الأول حماية البيئة المحلية وتنوعها البيولوجي، من خلال خطط واستراتيجيات ومشاريع ومبادرات عدة ومنها زيادة أعداد المحميات الطبيعية وحماية الأنواع المهددة بالانقراض والعمل على إكثارها، والثاني الاهتمام بالمجالات والملفات التي تهدف لتحقيق الاستدامة وبالتالي تصب في مصلحة البيئة وحمايتها، عبر التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة واستهداف تحقيق الاستدامة في كافة القطاعات.
وتعبر مقولة صاحب السمو عند افتتاح محمية المرموم الأهمية التي يمثلها العمل من أجل البيئة رؤيته ونهجه، حيث قال: ” “الحفاظ على البيئة هو حفاظ على أهم ثرواتنا.. والاستثمار فيها هو استثمار في أغلى ما نملك.”
إن مسيرة صاحب السمو تحمل إنجازات ومبادرات عدة يصعب حصرها، وما تزال جهوده مستمرة لرفعة نهضة دولتنا الحبيبة وجعلها في صدارة أفضل دول العالم في كافة القطاعات، فعطاءه وطموحاته لا تنتهي، فهو القائل ” نفرح بالإنجاز، ولكن لا نركن إليه.. لأننا لا ننظر للوراء أبداً.. لأن المستقبل والإنجاز القادم أمامنا”.