اليوم بالصدفة قرأت إعلانًا منشورًا على أحد مواقع التسويق العالمية عن توافر “روبوت” من الجيل الأول، يتحدث 5 لغات – إضافة إلى العربية الفصحى – مُتخصص في أعمال المنزل، من طهي وتنظيف، ورعاية للأطفال، وتشجير حديقة المنزل، ولديه خبرة ثلاث سنوات في إصلاح أجهزة الحاسب القديمة.
وإعلانٌ أخر عن توافر كُلًى بشرية جاهزة للتركيب الفوري، والشحن مجانًا لأي مكان في العالم خلال 45 دقيقة. وثالث عن وجود أطراف صناعية ثلاثية الأبعاد بقدرة 10,000 ميجا بيكسل – مثلا – من الشعور والذبذبات البشرية تمامًا مثل الأطراف الحقيقة، بضمان مدى الحياة، والسعر ب 30 أوقية من الذهب.
بالطبع حتى الآن تلك الإعلانات غير موجودة وخيالية، لكن في القريب العاجل قد نقرأها، مع بداية دخول العالم للثورة الصناعية الرابعة، والتغيرات الجذرية الكبيرة في التكنولوجيا العالمية، أو ما يُطلق عليه البعض تسونامي التقدم التكنولوجي.
على المستوى العربي ما هي علاقتنا بالتكنولوجيا؟ هل استطاعت دولة عربية واحدة، أو كل الدول مجتمعة تطوير هاتفا محمولا له اسم أو علامة تجارية دولية؟هل حاولنا الاكتفاء الذاتي من شاشات التلفاز أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة، أو حتى من لوحات المفاتيح أو ” الفارة” أو السماعات المستخدمة.
نحن مستهلكون فقط، والسوق العربي من أكبر الأسواق الجاذبة لمثل تلك البضائع عالميًا.
التكنولوجيا لا تقف على تلك الأشياء فقط، لكن هناك ثورة صناعية رابعة العالم كله مشغول بها، تجتاح كافة مناحي الحياة، تُغير قطاعات، وتخلق مدن جديدة، وتطور صناعات، ويتغير فيها مفهوم الزمن والوقت وآلية حساب المسافات كما يحدث حاليًا.
قد تُسافر بين القاهرة ودبي والرياض في نصف ساعة، قد تستيقظُ صباحًا وشغلك الشاغل هو أمن معلوماتك الشخصية، أو أجهزتك الإلكترونية أكثر من الطعام والشراب.
قد تنشب مشادة بينك وبين “الروبوت” الخاص والبديل لك في عملك، وقد تخسر عملك ويحل هو محلك. قد تسقط عليك جثث أشخاص من السماء ناتجة عن تصادم التاكسي الطائر في سماء المدينة، ازدحام الفضاء بالمركبات، والطائرات قد يكون أكثر من ازدحام الأرض بالبشر والسيارات التقليدية.
قد يختفي الهاتف المحمول ويحل محله أدوات أصغر وأسرع في نقل الصوت والصورة، زيادة في إنتاج المحاصيل، واستحداث أخرى جديدة، تنوع مصادر المياه، ومخزون الأسمدة العضوية، ومنتجات صحية أكثر، بدائل طبية جديدة عن المضادات الحيوية، وأعضاء صناعية بشرية بديلة.
وعربيًا لم تعرف الحكومات عن تلك الثورة إلا القدر اليسير.
لكن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت السباقة عربيا ومن ضمن الدول الرائدة عالميا، حيث أيقنت الأمر منذ بضع سنوات، وأعدت مجموعة من الإجراءات، والمؤسسات، للتعامل مع أهم المتغيرات التي تطرأ في المستقبل، وخصصت الدولة ميزانية كبيرة لتكنولوجيا المستقبل، ناهيك عن استعدادات الحكومة بعدد من التشريعات والقوانين المنظمة لبعض من مظاهر تلك الثورة.
فهناك منطقة “2071” لتصميم المستقبل في 12 قطاعا رئيسيا عالميا، وهناك إستراتيجية رسمية من الدولة للثورة الصناعية الرابعة، وهناك أيضا قمة حكومية عالمية سنويا تجمع كافة العقول والمبتكرين من حول العالم لوضع حلول لتحديات تلك الثورة، إلى جانب مجلس الإمارات للثورة الصناعية الرابعة. وفقا لتوقعات “ IDC” يبلغ حجم ما أنفقه العالم خلال العام 2018 على تقنيات التحول الرقمي، بما في ذلك الأجهزة والبرمجيات والخدمات، إلى ما يقرب من 1.3 تريليون دولار .
وأيضا توقعت شركة جارتنر( Gartner, Inc) أن يصل إجمالي الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في جميع أنحاء العالم إلى 3.7 تريليون دولار أمريكي في عام 2018 ، أي بزيادة قدرها 4.5٪ عن عام 2017 .
هناك دول تبحث وتستعد وتُسابق وتُنافس، وتخترع وتُنفذ، هؤلاء هم الرابحون.
ودول أخرى – لا ناقة لهم ولا جمل في الأمر- هم فقط يُشاهد ولا يُدركون، يقرأون ولا يعون، يتمنون ولا يُخططون، فهم الخاسرون.Twitter: @mohamabdulzaher
Linkedin: @Mohamed Abdulzaher