بقلم – محمد عبدالظاهر
سؤال ليس بمحيرٍ ولن أستعرض فيه الكثير كي أُجيب عنه، لكن الإجابة سوف تكون بـ “لا”، فالعالم العربي ليس فقيرا، فهو أغنى من دول كثيرة سواء مقارنة بالأرقام والموارد، أو مقارنة بالمهارات والعقول.
ودليلي على تلك الإجابة بعض الأرقام التي حاولت الحصول عليها، وتجميعها من عدة مصادر موثوقة كــــ” البنك الدولي، صندوق النقد، وبعض المراكز البحثية الدولية المُعتمدة في هذا الشأن”، لا تُقاس اقتصاديات الدول بما تنتجه وبمعدلات نموها فقط (وهو ما أُطلق عليه معدلات إيجابية)، لكن تُقاس أيضا بما تواجه من تحديات، وبما تحمل من مخاطر، قد تُعيق معدلات نموها، وقد تخلق مجالات لهدر الأموال والمهارات والموارد (وهو ما أُطلق عليه معدلات نمو سلبية)، مما يؤدي لتراجع معدلات نموها الإيجابية.
يبلغ الناتج الإجمالي المحلي (GDP) للولايات المتحدة 19.49 تريليون دولار، ودول الاتحاد الأوروبي 18.8 تريليون دولار، والصين 10.43 مليار دولار.22 دولة عربية، تحمل في جعبتها العديد من النزاعات، وتحارب على أكثر من جهة، يبلغ الناتج الإجمالي المحلي للدول العربية مُجتمعة ما يُقارب من 2,469 تريليون دولار، وفقا لتقديرات العام 2017.
في حين يقارب الاحتياطي النقدي للدول العربية مُجتمعة 1,350 مليار دولار للعام 2017، وفقا لأرقام مجمعة من صندوق النقد الدولي، وأرقام حكومية رسمية، وهي في المرتبة الثانية عالميًا بعد الصين التي تمتلك 3,125 مليار دولار، وتأتي اليابان في المرتبة الثالثة ب 1,256 مليار دولار.
اقتصادات الأزمات والصراعات
كل دولة عربية تُحارب أو تُنازع على جبهة واحدة على الأقل، وهناك دول تُحارب في أكثر من جبهة، داخلية وخارجية، وهناك منظمات إرهابية ضخمة تُدعم من دول مثل إيران تستنفذ قوى دول عربية أخرى بالتخريب والتدمير.فخلال 15 عاما – مثلا – من احتلال العراق في 2013 وحتى نهاية 2018، مرت على المنطقة العربية أزمات، وحروب وصراعات، كلفتها مليارات الدولارات قد تساوي ما تكبدته أوروبا في الحرب العالمية الثانية، أو ما تكبدته أمريكا من خسائر خلال نفس الحرب، والتي قاربت 4 تريليون دولار حينذاك.
خلال ال 15 عاما السابقة تمزقت بعض الدول العربية ، وتوقفت عجلة الإنتاج في أكثر من 5 دول بصورة كاملة، وتراجعت معدلات النمو لأكثر من النصف في بعض الدول الأخرى، وقُتل أو شُرد أو عُد من بين اللاجئين والمفقودين أكثر من 15 مليون عربي.
وزادت معدلات البطالة عربيًا حتى وصلت لأكثر من 20 % بين الشباب.
وزادت معدلات الهجرة للخارج بصورة كبيرة، نتيجة للأوضاع السياسية المتردية في بعض الدول.
كل تلك العقبات والكوارث ومازالت هناك حركة نمو، وتقدم في المنطقة العربية، فمازالت هناك عقول تُصر على النجاح، تدفع للنمو عربيًا، هناك شباب يعمل ويكد، ويخطط للمستقبل.
الإمارات العربية المتحدة تنافس عالميًا في الصدارة على تصميم المستقبل، وصناعة التكنولوجيا وتقنياتها لخدمة الإنسانية، وضربت أمثلة كثيرة من النجاحات التي جعلتها في مصاف الدول حاليًا، السعودية لديها خطط طموحة، وإصرار على النمو والتقدم رغم ما تحاول بعض الدول من عرقلة مسيرتها، لكن هناك رؤية واضحة وقيادات واعية،مصر، تحارب وتتقدم، تحارب على جبهة الإرهاب الذي تقوده منظمات تستهدف الدولة، وأمنها واستقرارها، وعلى صعيد أخر تعمل وتتقدم وتنمو خلال الأعوام الأربعة السابقة خطت خطوات كبيرة نحو النمو، وبدأت تعود بقوة في تصنيفها الدولي من حيث جذبها للاستثمارات الأجنبية، ومعدلات النمو الاقتصادي، سوريا، رغم الخلل والتخبط السياسي الحالي، إلا أنها بدأت تضع خطواتها نحو الاستقرار، وبدأ الحديث عن إعمار المدن والقرى، العراق، انتصر على ” داعش” لكن يحتاج لإرادة سياسية أقوى لوضع نظام سياسي اقتصادي شفاف، يساهم في نمو الدولة وعودتها بقوة في الصدارة العربية، الأردن، لديها برنامج اقتصادي مدعوم خليجيا سوف يساهم في تخطي الأزمات الحالية والعودة لمعدلات النمو الطبيعية قبل 2020، تونس، النظام السياسي في حاجة لمشروعات اقتصادية طموحة، تُعيد الدولة لمجدها كقوة اقتصادية في شمال إفريقيا.
العالم العربي ليس فقيرا، ولا ينقصه الموارد الحقيقة… نحن فقط في حاجة إلى التخطيط للمستقبل بطريقة أكثر فاعلية، وشحذ همم الشباب والاعتماد عليهم بصورة أكبر. والتخلي عن النزاعات الطائفية القاتلة. العالم العربي يُحارب لأجلٍ التنمية والرخاء..ما لدينا الكثير والكثير يجب أن نفخر به.