دافوس..أَعْطِنِي دواءً ولا تُعطِني جوالًا

الكاتب / محمد عبدالظاهر

بقلم/ محمد عبدالظاهر

حيرةٌ كبيرةٌ تجتاب العالم حول ملامح العام 2019 و 2020: ما بين التقدم التكنولوجي الهائل في العالم، إلى ارتفاع معدلات الفقر، وتدني الرعاية الصحية عالميًا..100 ألف شخص يموتون يوميا بسبب نقص الرعاية الصحية، ونصف سكان الأرض يمتلكون الإنترنت في 2019، كيف نستغل التكنولوجيا في خدمة الإنسانية؟!، هل الأولى أن يكون لدى جوال (4G، (G5 أم تأمين صحي يضمن حياة أفضل؟، لو توفرا معا فتلك رفاهية حقيقة!!.

تقاريرٌ عدة نُشرت مؤخرًا حول أبرز التطورات في العالم خلال العام الحالي 2019، وما يحمل من بعض التغيرات اقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا، ومنها ما تم مناقشته خلال اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي ” دافوس “..الاقتصاد العالمي يتجه نحو الركود ويصبح أكثر هشاشة عن العام الماضي (كما تتوقع الإيكونوميست)، وتشهد الأسواق المالية اضطرابات مختلفة، وارتفاع لحجم الديون عالميًا، ومن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو في الصين، وكذلك اقتصاديات مجموعة من البلدان بما فيها الأرجنتين وفنزويلا وإيران وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان وإيطاليا. حتى الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تشهد ركودًا في نهاية العام.

التكنولوجيا ستبرز كعنوان رئيسيٍ للعام الحالي، ووفقًا للاتحاد الدولي للاتصالات، حيث سيتملك نصف سكان العالم على الإنترنت، ولكن ينبغي ألا ننسى أن هذا الرقم لا يزال يستثني العديد من الفقراء والضعفاء، وسيظهر بقوة مفهوم “Charity tech”، أو كيفية استغلال التقدم التكنولوجي في العمل الإنساني ودعم والمؤسسات الخيرية في توسع أعمالها، هناك بعض الأمثلة لاستخدام التكنولوجيا في دعم المؤسسات الخيرية، منها التكنولوجيا لمعالجة التشرد التي تستخدمها منظمات مثل ( Macmillan and NSPCC ) لجمع التبرعات من الشوارع.

“البلوك تشين” أيضا سيكون شكل آخر من أشكال التكنولوجيا الإنسانية التي سوف تترك آثار كبيرة على قطاع الأعمال لدى المؤسسات الخيرية، حيث يتيح الفرص لتلك المؤسسات أن تخلق شفافية أكبر. وأن تسمح بتتبع المدفوعات من المانح إلى المستفيد، مما يعطي الجميع ثقة أكبر في كيفية الاستفادة من الأموال بشكل جيد، وتعتبر مؤسسة ” Alice“ المنصة العالمية الوحيدة التي تسمح باستخدام “البلوك تشين” في مثل تلك المدفوعات.

الأغنياء يزدادون غنا والفقراء يزدادون فقرا، هكذا قال تقرير لمنظمة “أوكسفام” للمنتدى الاقتصادي العالمي، حيث أشار التقرير إلى أن 26 مليارديرا في العالم يملكون أموالا تساوي ما يملكه النصف الأفقر من البشرية، 26 شخصا باتوا يملكون ما يساوي أموال 3.8 مليار نسمة ( الأكثر فقرا في العالم)، بعدما كان عددهم 42 عام 2017، والعجيب في الأمر، أنه لو دفع 1% الأكثر ثراءً بالعالم دفعوا ضريبة إضافية على ثرواتهم بنسبة فقط 0.5% لساهم ذلك في جمع مبلغ كافٍ، وزيادة لتعليم 262 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس ولتأمين الرعاية الصحيّة اللازمة لإنقاذ 3.3 مليون شخص من الموت. حيث يموت 100 ألف شخص يوميا بسبب النقص في الرعاية الصحية المُقدمة، وقالت المنظمة العالمية على الحكومات الآن إحداث تغييرا حقيقيا من خلال ضمان دفع الشركات والأفراد الأثرياء حصصهم العادلة من الضرائب واستثمار هذه الأموال في الرعاية الصحية المجانية والتعليم اللذين يلبّيان احتياجات الجميع – بما في ذلك النساء والفتيات اللواتي غالباً ما تهملن احتياجاتهن، يمكن للحكومات أن تبني مستقبلاً أكثر إشراقاً للجميع – وليس فقط للأقلّية المميزة”، وتشير التقديرات إلى أن العام الجاري سوف يحتاج ما يقرب من 132 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، وتقدر الاحتياجات من التمويل بنحو 22 مليار دولار، فقط لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا لأكثر من 93 مليون شخص في يعيشون في مناطق الصراعات والأزمات ، ففي الولايات المتحدة أغنى دولة في العالم، كان حوالي 553.000 شخص مشردين في ليلة واحدة في يناير 2018، ومن المتوقع أن تنفق ولاية كاليفورنيا 700 مليون دولار على حالات التشرد خلال العام الجاري. أذن كيف يمكننا أن نتخيل الوضع في بلد آخر في إفريقيا أو آسيا.

فالعالم الآن يعيش بين صراع قائم في التقدم التكنولوجي الرهيب، وبين تغطية الفجوات الإنسانية الكبيرة في الفقر، والتشرد، وانتشار الأمراض والأوبة وغياب الرعاية الصحية العادلة لملايين البشر… فماذا يحمل العام الحالي الذي اقتربنا علي الانتهاء من أول أشهره؟