دبي – (مصادر نيوز)
-
- الأسواق الناشئة ستتفوق على الأسواق المتقدمة من حيث كونها وجهة للسياحة والضيافة وأيضاً كمصدر رئيسي للسائحين
- يخلص التقرير إلى وجود حاجة متزايدة لتوفير مساكن متوسطة الجودة لتلبية حاجة الجيل الأصغر سناً الذي لا يهتم كثيراً بتقييمات النجوم
وفقاً لتقرير جديد صادر عن بي دبليو سي، من المقرر أن يكون للتوجهات العالمية الكبرى تأثير كبير وباعث على الاضطراب على قطاع السفر والسياحة في منطقة الشرق الأوسط.
وفقاً لـبي دبليو سي، تتمثل التوجهات الخمسة العالمية الكبرى التي يُعتقد على نطاق واسع أنها ترسم مستقبل عالمنا في التغييرات الديموغرافية والاجتماعية وتغيير القوى الاقتصادية العالمية والتوسع الحضري المتزايد وتغير المناخ وندرة الموارد والابتكار التكنولوجي.
وفي ظل ريادة منطقة الشرق الأوسط للازدهار السكاني الذي تشهده الأسواق الناشئة على مدار العقد الماضي، تُعد التغييرات الديموغرافية والاجتماعية إحدى القضايا الأساسية التي يتعين على قطاع السفر والسياحة مواجهتها بشكل سريع، وذلك حسب قول الشركة. وتُعد منطقة الشرق الأوسط منطقة شابة، إذ تقل أعمار 40% من سكانها عن 25 سنة، ومن المتوقع أن يزيد تعداد سكانها بنحو 50% على مدار السنوات 25 القادمة. ويجد قطاع السفر والسياحة نفسه اليوم على رأس تحول في الطلب متعدد الأوجه ناجم عن هذه التغييرات الديموغرافية وتغيير الأجيال. وفيما كان هذا القطاع يستهدف في السابق السائحين متوسطي الأعمار المسافرين لأغراض ممارسة الأعمال والترفيه من الدول الاقتصادية المتقدمة، يجب أن يحول القطاع نفسه اليوم لتلبية احتياجات مجموعة أكبر من الزائرين والفئات العمرية والخلفيات الثقافية. ويحمل هذا التغيير من ما يدعوه التقرير “جيل ما بعد الألفية وجيل الألفية إلى السائح الفضي” فرصاً وتحديات هائلة، تُعزى بشكل رئيسي إلى مقتضيات الاستقطاب المرتبطة بهذا التغيير. كما سيخلق هذا التغيير جيلاً جديداً من الابتكارات تناولها التقرير بالنقاش تتمثل في التحول من أنشطة تجديد السمعة التجارية والأعمال الاستباقية المستهدفة إلى اجتذاب أنواع جديدة من المسافرين مع الحفاظ على العملاء الحاليين؛ ومن تجديد مفاهيم التسويق التقليدية واستغلال قوة وسائل التواصل الاجتماعي إلى استغلال أدوات العصر الرقمي.
وقد وضع التغير في ميزان القوى الاقتصادية العالمية منطقة الشرق الأوسط وسط العديد من الأسواق سريعة النمو في العالم، أهمها الهند والصين. وفي هذا الوقت الذي يستمر فيه انتقال مركز الريادة من الأسواق المتقدمة إلى الناشئة، ستضطر المنطقة، التي تجد نفسها في مركز هذه التحولات، إلى اتخاذ خطوات استباقية للاستفادة منها. واستفادت دبي على وجه الخصوص من ذلك الوضع لتتحول إلى محطة عالمية للطيران والسياحة والخدمات اللوجستية. ومن مطار دبي الدولي، تحولت المدينة إلى حلقة وصل تربط الاقتصادات ببعضها من الشرق والغرب. ووضعت دولة الإمارات العربية المتحدة في قائمة رحلات الطيران التي لا تتجاوز مدتها الأربع ساعات إلى 40% من سكان العالم. ونظراً للانفتاح على الأسواق الكبرى مثل الصين والهند، وتطوير المشروعات السياحية الضخمة، وتقليص ميزانيات السفر لدى الشركات أثناء الفترات العصيبة، والسلوك الاستهلاكي للمسافرين من جيل الألفية، فمن المهم بالنسبة لدبي وسائر المدن الكبرى في المنطقة أن تعالج ميل معروضها من الفنادق تجاه قطاع الفنادق الفاخرة وأن تفتح أبوابها لبناء المزيد من الفنادق الاقتصادية متوسطة الجودة من فئة 3 و4 نجوم.
ويذكر التقرير الخطوات التي سيتعين على البلدان في أنحاء المنطقة اتخاذها للاستفادة من ذلك الوضع الذي تُحسد عليه وموقعها المركزي على الطريق الواصل بين الغرب والشرق. ويزعم التقرير أن الأسواق الناشئة مؤهلة للتفوق على الأسواق المتقدمة من حيث كونها وجهة للسياحة والضيافة وأيضاً كمصدر رئيسي لتصدير السائحين.
ومن الملاحظ أن تأثير التوسع الحضري المتزايد يختلف اختلافاً كبيراً عن تأثيره على بقية مناطق العالم، إذ أصبحت منطقة الشرق الأوسط من بين أكثر المناطق تحضراً على مستوى العالم. ومع مشاريع بناء المزيد من المدن الجديدة، سيستمر هذا المعدل في الارتفاع مما يُصعب مهمة تطوير بنية تحتية كافية لاستيعاب هذا التوسع السكاني الكبير. ومع ذلك، فقد تجاوزنا سنوات التوسع السكاني الهائل. ولذا، يلزم تحويل الانتباه في الوقت الراهن إلى كيفية تشغيل المساحات الحضرية بما في ذلك الفنادق على النحو الأمثل. ووفقاً لبي دبليو سي يعكس هذا فرص المشاريع المخططة لها أو التي يجري إنشاؤها حالياً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تبلغ 4 تريليونات دولار. وتجذب أغلبية دول مجلس التعاون الخليجي السائحين المهتمين بالتطور العمراني والحضاري، وعادةً ما تكون العواصم أو المدن الرئيسية في تلك الدول هي الوجهة المستهدفة للزائرين. وتجدر هنا الإشارة إلى أن تطور السياحة العمرانية والحضرية يعتمد اعتماداً كبيراً على النمو الاقتصادي والتقني وزيادة الترابط، وجميعها عوامل إيجابية بالنسبة لدول مجلس التعاون. وعادة ما تتراوح نقاط الجذب السياحية المعروضة بين منافذ التجزئة وأماكن الاسترخاء والمعالم الثقافية والحدائق والشواطئ، غير أنها غالباً ما تتركز “داخل المدن”.
وفي حين ينطوي هذا أيضاً على فرص كبيرة لقطاع السياحة في المنطقة، يلزم على الحكومات والشركات في المنطقة الاستعداد للتحديات التي تنتظرها والتي تتمثل في: محدودية القدرات والتمويل من أجل تنفيذ مشاريع البنية التحتية، والحاجة للاستثمار في تقديم الخدمات وضرورة التخطيط المناسب، وندرة الموارد وغيرها.
وعلى صعيد آخر، يعتبر تغير المناخ وندرة الموارد اليوم من أكثر القضايا إلحاحاً في الشرق الأوسط، إذ أن ندرة المياه أحد التحديات الهامة التي تواجه المنطقة في الوقت الراهن وعلى مدار السنوات العشر المقبلة حيث تعتمد دول مجلس التعاون حالياً على تحلية 70% من احتياجاتها من المياه ومن المتوقع أن ينمو معدل استهلاك المياه بمقدار الثلث بحلول عام 2020. وفضلاً عن ندرة المياه، تعتبر منطقة الشرق الأوسط من المناطق المعرضة لزيادة الموجات الحارة في فصول الصيف. ولذا، تحتاج المنطقة إلى تنفيذ بعض إجراءات التحكم الحرجة على أن تكون في صورة خارطة طريق للاستدامة تتضمن أهدافاً واضحة واستراتيجيات للحد من المخاطر والتأثيرات السلبية وذلك وفقاً لما تراه بي دبليو سي.
غير أن الابتكار التكنولوجي قد يكون جزءاً من حلول هذه القضايا، ولكن التعطيل التي يسببه التحول الرقمي لقطاع السفر والسياحة اليوم يستلزم مهارات جديدة وتحولاً في الاستراتيجيات. ويملك قطاع السفر والسياحة في الشرق الأوسط العديد من المقومات المناسبة للاستفادة من التقنيات الحديثة حيث أن هناك عدداً كبيراً من الشباب مولعون بالتكنولوجيا الحديثة في المنطقة، إذ تعتبر نسب انتشار الهواتف الذكية في دول مجلس التعاون من بين أعلى النسب على مستوى العالم وتصل إلى 78% في الإمارات العربية المتحدة و77% في المملكة العربية السعودية. ومن المنتظر أن يؤثر التحول الرقمي على جميع حلقات سلسلة القيمة في قطاع السفر والسياحة بدءاً من التأثير على قرارات السفر وإلى جمع تعليقات الزائرين والمسافرين وتحسين الخدمات والمنتجات. ولذا، من المنتظر أن تكون استراتيجيات الأعمال الملائمة للعصر الرقمي هي المطلب الرئيسي لقطاع السفر والسياحة في المرحلة القادمة.
وتعليقاً على التقرير، قال د. مارتين برلين، الشريك في بي دبليو سي الشرق الأوسط والقائد العالمي لقطاع الصفقات العقارية: “لقد تطورت منطقة الشرق الأوسط على مدار العقد الماضي لتصبح مركزاً عالياً للسياحة والترفيه حيث تستقطب الزائرين من جميع أنحاء العالم. غير أن رياح التغيير الجديدة تستلزم اليوم مزيداً من التطور والتحول في قطاع السفر والسياحة في المنطقة. وبدايةً من تغيير الطريقة التي يسوق بها قطاع السياحة خدماته إلى التطوير الكامل للمفاهيم التقليدية، يسعى تقريرنا إلى عرض أفكار متعمقة وحلول عملية تُمكن قطاع الضيافة والسياحة من النمو والازدهار في ظل “الواقع الجديد”.