دبي- مصادر نيوز
يقول “مايكل براون” في كتاب الحضور: أن تكون مدركًا تمامًا للحظة التي نعيشها، أو أن تكون حاضرًا في اللحظة. أي أن الحاضر هو مسكننا الحقيقي فهو الوقت الوحيد الذي تجري فيه أحداث حياتنا فإن الماضي قد ولى ولا يمكن تغييره والمستقبل لم يأت بعد، ولكننا نقضي لحظاتنا اليقظة في التفكير، فإن تعلمنا العيش بصورة واعية في الزمان والمكان بكامل حضورنا فسوف يجعلنا هذا أكثر توازنًا وسعادة.
قليل منا القادرون على أن يكونوا حاضرين باستمرار ذلك لأنهم متعطشون للتفكير في المستقبل أو في الماضي ونسوا أن يعيشوا اللحظة وأن يستمتعوا بتفاصيل يومهم. لأنهم دائمًا يعيشون في قلق المستقبل أو في حزن وذكريات الماضي فيضيع يومهم بالتفكير فيجدون أن الوقت يمضي بسرعة دون ان يفعلوا شيء وأن وجودهم فقط حضور جسدي وليس حضورًا ذهنيًا، فكلما أصبحت تجاربهم أكثر آلية قلّ انخراطهم في فن الحياة فهم يستيقظون من النوم يفكرون ويذهبون إلى العمل يفكرون ويقودون السيارة يفكرون فهم لا يشعرون بالحياة ولا الوقت.
كيف نعيش اللحظة؟
يعد تحرير أنفسنا من هذا التشويش الذهني أعظم ما يمكن أن نقوم به، ألا نكون عبيدًا لأفكارنا. وأن نعلم أن إدراك اللحظة الحالية متاح أينما نكون. يقول مايكل براون: “قف، ما من مكان تذهب إليه، ولا شيء تفعله، متاح أمامك ببساطة كل ما يمكنك أن تكونه”، أي لا يجب علينا الذهاب إلى أي مكان أو الشروع في أي فعل، فقط ركز على اللحظة الراهنة التي تعيشها، ناسيًا بذلك الماضي أو المستقبل، ومتجاهلًا أي أفكار أو انفعالات تتبادر إلى ذهنك، من خلال التركيز على شيء تفعله أو تنظر إليه أو تستمع إليه أو تشعر به من خلال حواسك.
مثال على ذلك: فكر في نفسك وأنت تكتب بريدًا إلكترونيًا لصديق أو تقرأ كتابًا، هل تصب كامل انتباهك على ما تفعله أم أن عقلك يشرد من وقت إلى آخر؟ الأغلب أنك ستعترف بشرود عقلك. وقد تجد نفسك تشرد بسلسلة من الأفكار تبدأ بالأمر الذي بين يديك لكنها تنتقل سريعًا الى أمر بعيد تمامًا عما تفعل وقد تتبادر إلى ذهنك أفكار غير متعلقة نهائيًا بما تقوم به. لذلك ركز في ما تقوم به ولا تسمح لعقلك بالشرود، لأن تركيزك على الأفكار يعطيك وضوحًا وشعورًا بالإنجاز، والذهن المنتبه في أثناء مهمة ما يوجه طاقته الى نقطة واحدة في اللحظة الحاضرة، ويحصل على الإشباع منها.
مثال آخر عندما تتحدث مع الآخرين: المحادثة المثالية تستمر في إيقاع من الإرسال والاستقبال. وقد يجلب لنا الذهن الشارد في بعض الأوقات ذكرى أو أمرًا مرتبطًا بالحديث بما يدفع التواصل قدمًا. لكن إذا شرد الذهن بعيدًا أكثر من اللازم نحو القلق، فحينها يضطرب التواصل بين الأشخاص. في المحادثة الجيدة نكون حاضرين بوعينا ومنتبهين إلى ما يتم قوله.
طرق تساعدنا لعيش اللحظة:
- التركيز على أفكارنا:
يقول إكهارت تول في كتابه قوة الآن: “لا يمكنك أن تتفكر في الحضور، ولا يستطيع العقل فهمه، فهمك للحضور، حضور. جرب اختبارًا بسيطًا، أغمض عينيك وقل لنفسك ما الفكرة التي ستراودني يا ترى؟ كن متيقظًا تمامًا وانتظر الفكرة التالية، كن كالهر الذي راقب جحر الفأر، ما الفكرة التي تخرج من الجحر؟ جربها. ستتحرر من الأفكار ما دمت في حالة حضور، ما إن ينخفض مستوى انتباهك يعود الضجيج الذهني وتضيع السكينة.
- التنفس:
يعتبر التنفس هو جوهر الحضور لأنه أداتنا الرئيسية في الوصول إلى إدراك الحضور، فمن الأفضل أن نلتزم بتمرين التنفس على الأقل مرة أو مرتين يوميًا.
- التأمل:
يعد التأمل أفضل هدية تقدمها لنفسك لتساعدك على الحضور، ولكن لن تدرك ذلك إلا من خلال التجربة. حتى الأشخاص الذين لم يمارسوا التأمل، فهم يعرفونه لأنه داخلهم، حاول أن تضبط المنبه لمدة دقيقتين وانطلق وكل مرة زد المدة.
- الامتنان:
عنما تخصص وقتًا للامتنان فأنت تدرك وتعيش اللحظة وتمتن لها. إن الامتنان يجلب السعادة والهدوء والرضا فتقل زحمة الأفكار ويزيد حضورك واستمتاعك واسترجاعك للحظة.
- استخدم إشارة يقظة:
من الصعب عليك أن تكون حاضرًا وانت مشغول. ممكن أن ترتدي إسورة أو أي شيء كلما نظرت إليه تتذكر أن تعود للحاضر.
فوائد عيش اللحظة الراهنة:
إن العديد من الدراسات العلمية يشير إلى أن العيش في اللحظة له فوائد كثيرة، ومنها:
- يحسن صحة المرء الجسدية فيقلل من مستويات القلق والتوتر والتخلص من الإحباط والألم والاستمتاع بنوم أفضل
- يحسن من مهارات التفكير فيصبح لديك تركيز وذاكرة أفضل واستجابة أسرع وحدس ناضج وتستطيع ان تتخذ القرارات بطريقة أفضل
- نصبح أكثر انتباهًا وثباتًا وإدراكًا لذاتنا وثقة بأنفسنا وحسمًا بقراراتنا
- نتعلم التعامل بفاعلية أكثر مع عثرات الحياة ومعوقاتها
- الحصول على إشباع ومتعة أكبر من مباهج الحياة فلا نكون عالقين بالأفكار السلبية