50 عامًا: الزمن بمقياس محمد بن راشد


مقال رأي بقلم:
معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي
وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة

تحفل سجلات الأمم بأسماء لامعة فرضت حضورها في ميادين العلم والثقافة والسياسة والفنون، شخصيات ترك حضورها أثرا عميقاً في وجدان الشعوب، وشكلت قدوة ومصدر إلهام للعديد من الأجيال التي تأتي لاحقا.

ولعل القاسم المشترك الذي يميز هذه الشخصيات جميعها هو قدرتها الواضحة على ابتكار أسلوب خاص بها في طرح أفكارها، وتسخير كل ما تمتلكه من مواهب وقدرات فردية لدعم هذه الأفكار وطرحها بطريقة مميزة وفريدة تفضي إلى نتائج ووضع جديد كليًا، أي باختصار امتلاكها القدرة على خط طريق خاص بها يتسم بالفرادة والتجدد.


ومن حسن حظنا اليوم، في دولة الإمارات أننا نعيش هذه الحالة من التفرد والإبداع، وأننا نلمس ونرى يوميًا معنى أن تكون في عصر شخصية عالمية ونحن نشهد هذه الحالة من التفاعل الوطني غير المسبوق مع إعلان مرور 50 عاماً على انخراط صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ميدان العمل الحكومي، ليس بالأمر المستغرب على شخصية ذات وزن وحضور مؤثر ودور فاعل في كتابة ملحمة نجاح دولة الإمارات وقيادتها نحو مصاف العالمية.


نحن اليوم لا نحتفي بمجرد قصة نجاح شخصي، نحن نحتفي بقامة وطنية وضعت الارتقاء باسم الإمارات على رأس أولوياتها، وبقائد يقدم نموذجًا في التفاني في العمل، وبتجربة متكاملة أفرزت رؤيتها بناء دولة عصرية أعطت الزمن مفهومًا جديدًا، والوقت مقياسًا جديدًا عنوانه الإنجاز.
محمد بن راشد ليس مجرد قائد، هو منظومة عمل جعلت التميز شعارًا، والإنسان منطلقًا، والرفاهية غاية، وصناعة المستقبل مهارة يتوجب على كل إماراتي إتقانها.

يدرك جميع من عمل في فريق محمد بن راشد أن السمة الأبرز بين السمات الكثيرة التي تميز شخصيته هي القدرة الفائقة على إحداث حالة من التأثير الإيجابي وهالة من الحضور المميز التي يتأثر بها جميع من حوله. شخصية أعادت تعريف مفهوم العمل الحكومي، ونزعت عنه ثوبه التقليدي وأساليبه المتسمة بالروتين والبيروقراطية، وأرست بدلاً عنها أسسًا جديدة لصياغة السياسات والاستراتيجيات الوطنية على مستوى المنطقة والعالم. شخصية قادرة على تحويل الرؤى واقعًا، وصياغة الأفكار مبادرات وحلولا عملية، وشحذ الهمم عزيمة وطاقة تدفع مسيرة النجاح والريادة في الدولة نحو آفاق جديدة من التميز والابتكار.


ثمة أرقام لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، فقد تصدرت دولة الإمارات في عام 2018 وللمرة السابعة على التوالي قائمة البلدان التي يرغب الشباب العربي لدولهم أن تحذوا حذوها وبنسبة وصلت إلى 36%، كما تصدرت الإمارات وللمرة السابعة أيضا قائمة أفضل بلد للعيش متفوقة على كل من الولايات المتحدة وكندا وألمانيا بنسبة قدرها 35%.

ويفيد مؤشر الثقة بالحكومات بأن دولة الإمارات تبوأت خلال العام 2018 المركز الثاني على مستوى العالم من حيث ثقة الشعب بالحكومة.

وتؤكد هذه الأرقام حقيقة مفادها أن حكومة الإمارات بقيادة محمد بن راشد قد ارتقت بالتنافسية إلى معايير جديدة يصعب الوصول إليها، فقد استطاع سموه تحويل الحكومة إلى تبني أساليب أكثر مرونة تجاوزت من خلالها معايير التميز وأفضل الممارسات المعتمدة في كبريات الشركات العالمية.


قامت رؤية سموه في جوهرها على الاستثمار في أهم مورد تمتلكه الدولة ألا وهو العنصر البشري، حيث كان التعليم ولا يزال على رأس أولويات الشيخ محمد، وهذه حقيقة يجمع عليها كل من شغل مناصب وزارية أو حكومية.

وأضحت الجامعات الإماراتية في ريادة جامعات المنطقة ومن ضمن أبرز الجامعات على مستوى العالم، مع تطور واضح في جودة الخريجين واختيارهم لتخصصات جديدة تخدم عملية التنمية المستدامة واحتياجات سوق العمل خلال المرحلة المقبلة.

ونفخر اليوم بأن دولة الإمارات مقصد للطلبة والباحثين من مختلف أنحاء العالم بفضل المستوى المميز لجامعاتها، والمرافق البحثية فيها.

ومع تطور العلوم والتكنولوجيا وظهور الحاجة إلى خبرات تلبي احتياجات المستقبل برز الاهتمام بملف المهارات المتقدمة باعتباره إحدى الأولويات الاستراتيجية التي نرمي من خلالها إلى ضمان دور فاعل في عالم الغد. وخير مثال على هذا توجه الإمارات للاستثمار في قطاع الفضاء، وتطوير كفاءات علمية وطنية استطاعت خلال فترة قصيرة الوصول بأحلام وطموحات شعب إلى الفضاء، وأثبتت للعالم كله أننا في دولة الإمارات نخوض التحديات ونخرج منها أكثر عزما وتصميما.


محمد بن راشد شخصية تحفر عميقا في الوجدان، وتترك أثرها في الحاضر والمستقبل، وأني أعتبر نفسي من المحظوظين الذين تشرفوا بالعمل ضمن فريق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وتحت قيادته، وتحمل المسؤوليات والمهام في مجال تطوير التعليم والعالي والاهتمام بخيرة الكفاءات الوطنية وتوفير كافة سبل النجاح والتطور لها.

لقد تعلمت في مدرسة محمد بن راشد ألا ننتظر المستقبل ليأتي بأن أن نذهب إليه، وأننا في سبق دائم مع الزمن ومع أنفسنا، فوتيرة المتغيرات والتطورات تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن لا مكان في عالم الغد لمن لا يأخذ الأمور بمنهى الجدية والحزم، وأن الغلبة في سباق الأمم لمن يهيئ أبناء شعبه ويعدهم للمساهمة في صناعة حاضره ومستقبله.